تصاعد أزمة النزوح في لبنان .. توتر متزايد في بيروت

كتبت/ فاطمة محمد
في ظل تصاعد الصراع العسكري بين إسرائيل وحزب الله، تواجه لبنان أزمة نزوح جديدة من جنوب البلاد إلى بيروت، حيث يتدفق الآلاف هرباً من القصف الإسرائيلي الذي استهدف مناطق في الجنوب والضاحية الجنوبية للعاصمة
هذه الأزمة لم تقتصر على التأثير المادي فحسب، بل أثارت حساسيات اجتماعية وتوترات طائفية بين سكان العاصمة والمناطق المحيطة بها، مما يعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية اللبنانية.
تفاقم التوترات الطائفية في ظل النزوح
مع تدفق النازحين من المناطق الشيعية في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية، عبّر العديد من سكان بيروت وضواحيها عن مخاوفهم وقلقهم من استضافة نازحين ينتمون للطائفة التي يشكل حزب الله جزءاً كبيراً منها
على الرغم من أن العديد من النازحين هم عائلات بسيطة لا علاقة لها بالصراع السياسي، إلا أن الانتماء الطائفي وحده أثار الخوف والريبة.
كريستينا، وهي مواطنة لبنانية تقيم في بيروت، روت تجربتها لوكالة الأنباء الفرنسية قائلة: “استضفنا أسرة نازحة في منزلنا، لكننا اضطررنا إلى مطالبتهم بالرحيل بسبب تخوف جيراننا من احتمالية وجود عناصر من حزب الله بينهم”
هذا النوع من المخاوف يعكس مدى الحساسية الطائفية التي لا تزال تسيطر على الحياة اليومية في لبنان.
اكتظاظ بيروت وزيادة المخاوف
في الأسابيع الأخيرة، ازدحمت شوارع بيروت بشكل غير مسبوق، مع تزايد أعداد النازحين الذين افترشوا الطرقات أو لجأوا إلى المدارس التي تم تحويلها إلى مراكز إيواء
تقول سهير، وهي ربة منزل من سكان بيروت، إن جيرانها انتابهم الذعر عند وصول عائلة شيعية ترتدي نساؤها العباءة السوداء إلى المبنى. وأضافت: “الجميع أصبح ينظر بريبة إلى الأشخاص المختلفين طائفياً أو دينياً، وهذا لم نعتد عليه في وسط بيروت”.
استيلاء على المنازل: عودة إلى ذكريات الحرب الأهلية
من جانب آخر، اضطر بعض النازحين إلى اقتحام عقارات فارغة بحثًا عن مكان للنوم، وهو ما أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الأهلية اللبنانية التي شهدت موجات من مصادرة الممتلكات الفارغة
وأكدت قوى الأمن الداخلي اللبنانية أن عددًا محدودًا من النازحين قاموا باحتلال ممتلكات خاصة، وقد بدأت السلطات في معالجة الأمر بإيجاد سكن بديل لهم.
رياض، رجل أعمال لبناني يعيش في الخارج، أشار إلى أن عائلته اتخذت إجراءات استباقية لتجنب فقدان ممتلكاتهم، قائلاً: “شقيقة زوجتي انتقلت إلى شقتنا في بيروت لمنع أي نازح من الاستيلاء عليها، فقد شهدنا ذلك خلال الحرب الأهلية ومن الصعب استعادة الممتلكات بعد ذلك”.
تبقى المخاوف قائمة في أوساط اللبنانيين، سواء من النازحين الذين قد يبقون بشكل دائم، أو من تصاعد التوترات الطائفية والسياسية التي تهدد بعودة أجواء الحرب الأهلية
ومع تفاقم الصراع على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، تستمر أزمة النزوح في توجيه تحديات كبيرة للبنية الاجتماعية الهشة في لبنان، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة البلاد على استيعاب تلك الأزمات المتكررة دون أن تؤدي إلى انفجار جديد.