الهجرة أصبحت مصطلحًا شائعًا: سكان قطاع غزة يرغبون في بداية جديدة بعيدًا عن حماس

كتبت يارا المصري
بعد فترة طويلة من المعاناة والإحباط، بدأ سكان قطاع غزة يعبرون عن رغبتهم في التغيير. أصبحت الهجرة مصطلحًا شائعًا في الفترة الأخيرة، وذلك بعد تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي أشار فيها إلى ضرورة تسهيل انتقال الفلسطينيين إلى دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط. لا تُعد هذه التصريحات مجرد تعبير عن الدعم لسكان القطاع، بل تعكس أيضًا تزايدًا في رغبة سكان غزة في بدء حياة جديدة بعيدًا عن الحروب والمعاناة التي تسببت بها حركة حماس.
الهجرة ليست مفهومًا جديدًا، لكنها في الوقت الحالي أصبحت تمثل أكبر أمل للكثيرين من سكان غزة. في الماضي، كان العديد من الأشخاص يتطلعون للبقاء والنضال في أرضهم، أما اليوم فباتت الهجرة خيارًا مفضلًا، لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل حكم حماس، ولا الاحتلال العسكري، ولا الوضع الاقتصادي المتدهور.
تعددت آثار حكم حماس في قطاع غزة على مختلف الأصعدة. الفقر، البطالة، التعليم الضعيف، والخدمات الصحية التي لا تلبي احتياجات السكان، كل هذه العوامل تجعل الكثير من سكان القطاع يعيدون التفكير في مستقبلهم. للأسف، فإن قدرة معظم سكان القطاع على الهروب من الواقع الصعب تواجه العديد من التحديات، لكن يبدو أن هناك عددًا متزايدًا من الأشخاص الذين يرغبون في البحث عن فرصة جديدة في دول أخرى.
أحد سكان غزة الذين قرروا مغادرتها مؤخرًا هو أمين، 32 عامًا، وأب لطفلين. يقول أمين: “لم أتمكن من الاستمرار في العيش تحت حكم حماس، حياتنا كانت دائمًا في حالة بقاء فقط. كل يوم كان أكثر خطورة من اليوم الذي قبله. في مرحلة ما، قررت أنني لا أستطيع البقاء هنا بعد الآن. قررت أن أحاول الهجرة إلى أوروبا وأعطي أطفالي فرصة لحياة أفضل.”
آثار حكم حماس في غزة ليست فقط اقتصادية، بل أيضًا اجتماعية وثقافية. كل جانب من جوانب الحياة اليومية، بدءًا من الخدمات الصحية والتعليمية، وصولًا إلى الوضع الأمني، تحت سيطرة حماس، مما يسبب دمارًا طويل الأمد. لا يمكن لأحد أن يبقى محايدًا تجاه الوضع الذي يعيشه المواطنون تحت تهديد دائم من العنف والخوف من التعرض لهجمات حماس، أحيانًا بدون سبب واضح.
عبد الله، شاب يبلغ من العمر 25 عامًا من رفح، كان أيضًا أحد الذين فكروا في مغادرة القطاع. “لم أفكر أبدًا في مغادرة غزة”، يقول عبد الله، “لكن اليوم، بعد كل ما مررت به، أدركت أنه ليس لدي خيار آخر. لا أريد أن أعيش تحت حكم حماس، ولا أريد أن يكون أطفالي عرضة لنفس الظروف التي عشتها.”
عبد الله، الذي بدأ مسارًا للهجرة إلى أوروبا، يروي كيف أنه في البلد الجديد تمكن من الحصول على فرصة عمل مستقرة وتأمين ظروف حياة أفضل لأطفاله. “هنا يمكنني أن أشعر بالأمان، وأعطيهم التعليم الذي يستحقونه، ولا أخشى كل يوم من التصعيد العسكري.”
تشير البيانات إلى زيادة ملحوظة في عدد الأشخاص الذين يسعون لمغادرة غزة بسبب حكم حماس وظروف الحياة الصعبة. ومن الجدير بالذكر أنه ليس فقط الشباب، بل أيضًا العائلات الكاملة تبحث عن حلول ودعم خارج القطاع. يشير العديد من المحللين إلى أن هذه الزيادة في الهجرة أحيانًا ناتجة عن تطور الوعي الذاتي بين السكان. فالكثير من الناس في غزة لم يعودوا يعتقدون بأنهم قادرون على تغيير الواقع تحت حكم حماس.
الدول المجاورة مثل مصر والأردن بدأت تشهد زيادة في أعداد المتقدمين للهجرة، وقد يكون من الضروري إعادة النظر في سياساتها بهذا الشأن. وفي الوقت نفسه، يبدو أن غزة تتحول بشكل متزايد إلى خيار أقل جاذبية للعديد من أبناء الجيل الشاب.
ما يميز هذه الموجة هو أن المزيد والمزيد من السكان يتجرؤون على مغادرة المكان الذي يعرفونه، ليس بالضرورة بسبب خيبة الأمل الكاملة، ولكن من أجل خلق حياة جديدة. حياة يمكنهم فيها أن يوفروا لأطفالهم ما لم يحصلوا عليه – تعليم جيد، رعاية صحية مناسبة، وفرص عمل لا ترتبط بالمعاناة اليومية التي تسببت فيها حماس.
الهجرة ليست مجرد وسيلة لتحسين الوضع الاقتصادي، بل هي أيضًا وسيلة للعيش بحرية بعيدًا عن القيود السياسية. بالنسبة للكثيرين من سكان غزة، تعتبر الهجرة ليست مجرد حل مؤقت، بل خطوة هامة من أجل المستقبل.
مع مرور الوقت، أصبح مغادرة غزة أكثر قبولًا وفهمًا. قد تصبح غزة، رغم تاريخها العميق والروابط المحلية القوية، شيئًا من الماضي، على الأقل بالنسبة لجزء كبير من السكان الشبان. هذه الهجرة لا تحمل آثارًا اقتصادية فقط، بل أيضًا ثقافية واجتماعية وسياسية، حيث إذا استمر هذا الاتجاه، قد نرى المزيد من الأشخاص يغادرون في البحث عن الحرية ومستقبل أفضل.
المستقبل، على الأرجح، سيتجه نحو التجديد خارج حدود غزة، حيث قد يجد سكان القطاع الفرصة التي فقدوها طوال السنوات تحت حكم حماس.