أخبار فلسطين

الحرب على غزة… إلى أين؟؟؟

 

بقلم سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية الشاعرة الفلسطينية 

د. أحلام أبو السعود

اقتربت الحرب الإسرائيلية على غزة من إتمام عام ونصف، لتتحوّل إلى واحدة من أطول وأشرس الحروب في العصر الحديث، حربٌ لم تترك وراءها سوى الدمار والدماء، حيث لم يعد هناك مجالٌ للحديث عن معارك عسكرية أو استهدافات محدودة، بل باتت الصورة واضحة: نحن أمام إبادة جماعية ممنهجة تهدف إلى محو الوجود الفلسطيني في القطاع.

ومع انهيار وقف إطلاق النار الأخير، عادت آلة القتل الإسرائيلية لتصبّ جام حقدها على المدنيين العزّل، مستهدفة الأطفال والنساء والمنازل، في ظل تواطؤ دولي وصمت مخزٍ من المؤسسات الحقوقية. كل هذه الجرائم لا تترك مجالًا للشك بأنها تندرج تحت بند الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، وفقًا لاتفاقيات جنيف وميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية.

تصعيد متواصل وجرائم حرب بلا محاسبة

منذ اللحظة الأولى لانهيار الهدنة، شهدت غزة تصعيدًا غير مسبوق، حيث استخدمت قوات الاحتلال القصف العشوائي المكثف، واستهدفت منازل المدنيين بشكل مباشر، فضلًا عن عمليات التهجير القسري واستمرار الحصار الخانق الذي يحوّل القطاع إلى سجن مفتوح بلا ماء أو غذاء أو دواء.

الأرقام وحدها كفيلة بكشف حجم الفظائع:

آلاف الشهداء، غالبيتهم من الأطفال والنساء.

تدمير آلاف المنازل والمنشآت المدنية، بما فيها المدارس والمستشفيات.

استهداف مباشر لفرق الإسعاف والصحفيين، مما يعكس نية الاحتلال في طمس الحقيقة وعرقلة أي جهود إنسانية.

محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية… صمت أم عجز؟

منذ بداية الحرب، رفعت جنوب إفريقيا قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، تتهمها بارتكاب أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين. وبالرغم من إصدار المحكمة أمرًا بوقف الجرائم واتخاذ تدابير لحماية المدنيين، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي ضرب بهذه القرارات عرض الحائط، مستمرًا في ارتكاب المجازر دون رادع.

أما المحكمة الجنائية الدولية، التي تملك ولاية قانونية لمحاكمة مجرمي الحرب، فهي حتى الآن لم تحرك دعوى جادة ضد قادة الاحتلال، رغم الأدلة الدامغة التي تؤكد مسؤوليتهم عن عمليات القتل الجماعي، والاستهداف الممنهج للمدنيين.

وهنا تبرز عدة تساؤلات:

هل يخضع القضاء الدولي لضغوط سياسية تعرقل مسار العدالة؟

لماذا لم تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف فورية بحق قادة الاحتلال كما فعلت مع مجرمي حرب آخرين في العالم؟

هل ستستمر العدالة الدولية في انتهاج سياسة الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بجرائم الاحتلال الإسرائيلي؟

المجتمع الدولي… ازدواجية المعايير والتواطؤ الصامت

رغم بشاعة المجازر اليومية، ما زالت بعض الدول الكبرى تلتزم بصمت المتواطئ، إما عبر دعمها العسكري واللوجستي لإسرائيل، أو عبر تعطيل أي قرارات دولية قد تؤدي إلى محاسبتها.

في الوقت ذاته، نشهد حراكًا شعبيًا عالميًا متصاعدًا، من مظاهرات حاشدة إلى دعوات لمقاطعة الاحتلال ومحاسبته، ما يؤكد أن إرادة الشعوب ما زالت أقوى من تواطؤ الحكومات.

إلى أين تتجه الحرب؟

الحرب على غزة ليست مجرد معركة عسكرية، بل هي معركة وجود ومستقبل. فإسرائيل تسعى إلى فرض أمر واقع جديد عبر التهجير والتدمير، بينما يقف الفلسطينيون بصدورهم العارية في مواجهة آلة الحرب، متمسكين بحقهم المشروع في الحياة والحرية.

لكن هذه الحرب لن تكون نهاية القضية، بل ربما تشكل نقطة تحول في الصراع، حيث بدأت إسرائيل تفقد دعم الرأي العام العالمي، وباتت عزلتها تتسع يومًا بعد يوم.

الخاتمة: لا سلام بلا عدالة

العدوان الإسرائيلي على غزة كشف مرة أخرى أن المجتمع الدولي لم يتعلم من دروس التاريخ، فالصمت على الجرائم وعدم محاسبة المجرمين لن يؤدي إلا إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار.

اليوم، أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية فرصة تاريخية لإثبات أن العدالة لا تخضع لحسابات السياسة، وأن القوانين الدولية لم توضع فقط لمحاكمة الضعفاء، بل لمحاسبة كل من يرتكب جرائم بحق الإنسانية.

فهل يتحرك العالم قبل فوات الأوان؟ أم أننا سنشهد تكرارًا للمجازر في ظل صمت مريب؟

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى