رحيل أبو إسحاق الحويني.. رحلة علمية حافلة ونهاية هادئة في قطر

كتبت نور يوسف
رحل عن عالمنا مساء أمس الاثنين ١٧ مارس/آذار ٢٠٢٥ الداعية المصري أبو إسحاق الحويني عن عمر ناهز ٦٩ عامًا، بعد صراع طويل مع المرض. وافته المنية في العاصمة القطرية الدوحة، حيث كان يقيم في السنوات الأخيرة من حياته، وتم نقله إلى أحد المستشفيات هناك قبل وفاته. وكشف نجله هيثم الحويني أن والده أوصى بدفنه بجوار رفيق دربه الشيخ شكري عبد الله.
ونعى الأزهر الشريف الشيخ أبا إسحاق الحويني، وتقدم الأزهر بخالص العزاء لأسرته وتلامذته، سائلًا الله أن يتغمده بواسع رحمته.
وُلد الشيخ حجازي محمد يوسف شريف، الشهير بـأبي إسحاق الحويني، في غُرَّة ذي القَعْدة عام ١٣٧٥هـ الموافق ١٠ يونيو/حزيران ١٩٥٦، بقرية حوين بمحافظة كفر الشيخ، وسط عائلة متوسطة الحال تعمل بالزراعة. كان والده من أعيان قريته، واختار له اسم حجازي تيمنًا بموسم الحج، بينما لعبت والدته دورًا كبيرًا في دعمه خلال رحلة طلبه للعلم.
درس في مدرسة الوزارية الابتدائية ببلدته، ثم انتقل إلى المدرسة الإعدادية القديمة في كفر الشيخ، وأكمل دراسته الثانوية في مدرسة الشهيد عبد المنعم رياض. لاحقًا، التحق بكلية الألسن في جامعة عين شمس بالقاهرة، حيث تخصص في اللغة الإسبانية، وتميز بتفوقه، مما أهله للحصول على بعثة دراسية إلى إسبانيا، لكنه لم يُكمل دراسته هناك وعاد إلى مصر، ليتفرغ للعلم الشرعي.
كان الحويني مولعًا بطلب العلم، فدرس أصول الفقه على يد الشيخ محمد نجيب المطيعي، وتعلم أساليب الدعوة والخطابة من الشيخ عبد الحميد كشك. قاده شغفه إلى السفر إلى الأردن، حيث تتلمذ على يد الشيخ ناصر الدين الألباني، وأصبح من أبرز تلامذته في علوم الحديث. كما انتقل إلى السعودية ليدرس العقيدة والفقه على أيدي كبار العلماء مثل الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح العثيمين.
برز اسمه كأحد أهم علماء الحديث في العالم الإسلامي، حيث تولى الخطابة في العديد من المساجد في مصر، واشتهر بمجالسه العلمية التي تناول فيها شرح كتب الحديث والتفسير والفقه.
ينتمي الحويني إلى تيار “السلفية العلمية”، وهو نهج يركز على دراسة علوم الحديث والتفسير والفقه بعيدًا عن السياسة المباشرة. وخلال مسيرته، أثرى المكتبة الإسلامية بعشرات المؤلفات، من أبرزها:
“تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد”
“غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود”
“النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة”
“صحيح القصص النبوي”
برحيل أبي إسحاق الحويني، تفقد الساحة الإسلامية عالمًا جليلًا كرس حياته لنشر علوم الحديث، وتخريج طلاب العلم، وترك إرثًا فكريًا سيظل مرجعًا للأجيال القادمة.