مقالات
أخر الأخبار

الانتخابات البرلمانية القادمة من حيث طبيعة الاحزاب والتنافس فيما بينهم وفرص كل حزب

 

كتبت / رنيم علاء نور الدين 

1- “مصر تنتظر البرلمان: سباق الأحزاب، رهانات الدولة، وصوت الشارع الحائر”

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم العربي إلى تحولات سياسية متسارعة، تبدو مصر على أعتاب واحدة من أكثر الانتخابات البرلمانية إثارة في تاريخها الحديث.

الشارع المصري، الذي اعتاد الانتقال بين مراحل سياسية شائكة، يبدو هذه المرة أكثر ترقبًا وأقل اندفاعًا، كأن التجارب السابقة علّمته ألا يرفع سقف التوقعات.

من قلب القاهرة إلى القرى البعيدة في الصعيد، يسود سؤال صامت:

هل يفرز البرلمان القادم وجوهًا جديدة تعبّر عن الواقع؟ أم يعيد تدوير النخبة القديمة بأسماء مختلفة؟

خارطة الأحزاب: سباق هادئ أم معركة محسومة؟

رغم الصورة الهادئة التي تظهرها وسائل الإعلام الرسمية، فإن التنافس بين الأحزاب الكبرى بدأ مبكرًا، وإن كان في الكواليس أكثر منه في الشارع.

في مقدمة المشهد، يأتي “حزب مستقبل وطن”، الذي حافظ على حضوره البرلماني القوي في السنوات الماضية. بدعم غير مباشر من الدولة، يبدو الحزب واثقًا من تأمين أغلبية مريحة في المجلس القادم.

يعمل الحزب على استقطاب عدد من الوجوه الشابة، وتقديمها كـ”جيل سياسي جديد”، لكن البعض يرى أن هذه الوجوه لا تملك استقلالًا حقيقيًا، بل تمثل واجهة محسوبة بعناية.

في المقابل، تحاول أحزاب مثل الوفد والمصري الديمقراطي الاجتماعي والعدل إعادة تقديم نفسها كصوت معارض معتدل.

لكن مع ضعف القاعدة الجماهيرية، والخوف من التصعيد، تبقى قدرتها على التأثير محدودة.

مرشح سابق في أحد دوائر الجيزة قال لنا:

“المنافسة مش مفتوحة زي ما الناس فاكرة. في تفاهمات بتمشي من بدري، وفي دوائر محسومة من دلوقتي… بس برضه في دوائر ممكن يحصل فيها مفاجآت، خصوصًا لو نزل فيها شباب عندهم شعبية فعلية”.

مشاهد من الشارع: اللافتات تملأ الجدران… والقلق في العيون

في أحد أحياء شبرا، وقفنا أمام حائط طويل غطته صور لثلاثة مرشحين. لا أحد في المقهى المجاور يعرف أسماءهم جيدًا.

يسأل أحد الشباب النادل:

“هو المرشح ده تبع الحكومة؟”

يرد النادل بلا مبالاة:

“مش فارقة… كلهم واحد في الآخر”.

هذا البرود الشعبي لا يعني بالضرورة مقاطعة واسعة. فالكثير من الناخبين سيذهبون إلى صناديق الاقتراع بدافع الواجب أو بفعل الحشد المحلي، لكنه يعكس أزمة أعمق: أزمة ثقة.

المعارضة والمستقلون: ضوء خافت في نفق طويل

عدد من المرشحين المستقلين بدأوا حملاتهم بالفعل، مستفيدين من شبكاتهم العائلية أو نشاطهم الاجتماعي.

في دوائر مثل المحلة، ومناطق من الصعيد، يمكن أن ينجح المستقلون في إحداث اختراقات محدودة، خاصة لو رفعوا شعارات خدمية واضحة، وابتعدوا عن السياسة المباشرة.

لكن المعركة الكبرى تبقى في قدرة هؤلاء على الحفاظ على أصواتهم وسط سطوة المال السياسي، والتحالفات القبلية التي تُعيد تشكيل المعادلة دائمًا في اللحظات الأخيرة.

هل من مفاجآت؟

الخبراء منقسمون. البعض يرى أن البرلمان القادم سيكون نسخة محسّنة من سابقه، مع بعض التغييرات الشكلية، دون تغيير في موازين القوى الحقيقية.

آخرون يعتقدون أن الحالة الاقتصادية الضاغطة، وارتفاع سقف الغضب الصامت لدى فئات واسعة من الشعب، قد يدفع إلى انتخاب وجوه جديدة، على الأقل في بعض الدوائر.

الخبير السياسي د. كمال عبد الحميد يقول:

“الناس زهقت من الكلام… واللي نازل لازم يفهم إن مش كل حاجة هتمشي باللافتات والعزومات. اللي عنده خطاب واقعي وصادق ممكن يكسب… حتى لو ماعندوش ظهر قوي”.

 

وفي نهاية الأمر الانتخابات البرلمانية القادمة في مصر ليست مجرد حدث دوري، بل لحظة اختبار حقيقي لمستوى وعي الناخب، ولقدرة الأحزاب على التغيير، ولو من داخل المنظومة.

الشارع ينتظر، بصمت…

والسؤال الكبير ما زال معلقًا: من سيمتلك الشجاعة لكسر النمط؟ ومن سيكتفي بدور “الكرسي الدافئ” تحت قبة البرلمان؟                                                                                     

2- “البرلمان العراقي المقبل: بين إرث الطائفية وأمل الإصلاح… من يملك صوت الشارع؟”

على طول نهر دجلة، حيث بغداد المزدحمة بالصخب والحزن، وبين أزقتها التي لم تُرمم منذ سنوات الحرب، لا تزال السياسة تُمارَس بنفس التعب والريبة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الجديدة، يتساءل العراقيون: هل ستأتي النتائج هذه المرة بغير المتوقع؟ أم ستعيد إنتاج الطيف السياسي ذاته، بممثلين مختلفين؟

أحزاب لها جذور… لكنها فقدت ظلها

العملية السياسية في العراق محكومة منذ سنوات بتوازن طائفي هش، تبدو ملامحه واضحة في كل حزب وتكتل.

في المقدمة، تظهر قوى تقليدية مثل الإطار التنسيقي الذي يضم عدة أحزاب شيعية مؤثرة، أبرزها “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الفتح” بقيادة هادي العامري. هذه القوى تتمتع بقاعدة شعبية ثابتة في الجنوب، لكنها تواجه تآكلًا في الثقة، خاصة بين الأجيال الجديدة.

على الجانب الآخر، يواصل التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر مناورة سياسية دقيقة. فبعد انسحابه من البرلمان السابق، ترك فراغًا كبيرًا في المعادلة، وجعل المشهد أكثر اضطرابًا.

ورغم التوقعات بعودته للمنافسة، فإن الموقف الرسمي ما زال غامضًا.

محلل سياسي قال لنا من النجف:

“الصدر مش سهل… لو قرر يرجع، هيربك الحسابات كلها، خصوصًا لو نزل بتكتل مستقل عن الأحزاب التقليدية”.

سنة العراق: انقسام وتشظي

في المناطق السنية، خاصة الأنبار وصلاح الدين ونينوى، المشهد أكثر تعقيدًا.

تحالفات مثل “السيادة”، بقيادة خميس الخنجر، تواجه انتقادات داخلية شديدة، وهناك محاولات لتكوين كتل جديدة على أنقاض الفصائل القديمة.

سكان الموصل، المدينة التي عانت من داعش ثم من الإهمال، يعبرون عن قلقهم بصوت خافت.

قال أحدهم:

“المرشحين يجوا قبل الانتخابات بكام شهر، يوعدونا بكل حاجة… وبعدها، نرجع لنفس البرد، ونفس الظلام، ونفس الإهمال”.

الأكراد: بين أربيل والسليمانية… تنافس داخلي

في كردستان العراق، يبقى التنافس محصورًا بين الحزبين التاريخيين: الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني.

الخلافات بين الحزبين تجاوزت السياسة ووصلت إلى الشارع، وحتى إلى المؤسسات.

أزمة الرواتب، وضعف الخدمات، والانقسام السياسي أثرت على صورة القيادة الكردية أمام جمهورها، خاصة في السليمانية.

لكن رغم ذلك، يتوقع أن تبقى السيطرة بيد الحزبين التقليديين، مع دخول بعض الوجوه المستقلة ذات الخلفية الشبابية.

الحراك المدني: صوت الثورة… وصمت الميدان

بعد حراك تشرين 2019، خرج جيل عراقي جديد يطالب بتغيير جذري، خاض الانتخابات السابقة بمجموعة من المستقلين وحقق مفاجآت وقتها، لكن معظمهم لم يصمد طويلًا أمام ضغط الأحزاب وقلة الموارد.

في الانتخابات القادمة، يحاول بعضهم العودة، بدعم محدود، وخطاب وطني يرفض الطائفية والمحاصصة.

لكن هناك من يرى أن الحراك، رغم نقائه، ما زال يفتقر للتنظيم السياسي القوي الذي يمكنه من الصمود في معركة انتخابية شرسة.

طالبة جامعية في بغداد قالت:

“إحنا بنثق في المستقلين، بس عارفين إن النظام مصمم يمنعهم من التقدم… صوتنا معاهم، بس إحنا عارفين ده مش كفاية”.

 

التحليل: من يحسم الكلمة؟

المشهد العراقي معقّد، تشوبه التدخلات الخارجية، التحالفات الهشة، وتراجع الثقة.

لكن يبقى للناخب العراقي – رغم كل الإحباط – دور محوري، إن أراد.

يرى بعض المحللين أن العزوف عن التصويت سيكون اللاعب الأساسي في الانتخابات القادمة، ما لم تحدث مفاجأة كبرى تعيد إشعال الحماس الشعبي.

لكن آخرين يراهنون على مفاجآت محلية: مرشح شاب، تحالف جديد، خطاب صادق في مدينة أنهكها التعب.

 

والأن العراق تتجه نحو انتخابات لا تحمل وعودًا وردية، لكنها قد تكون بوابة لتغيير نسبي إن وُجدت إرادة حقيقية، أو صوت مفاجئ يخرج من صناديق الصمت.

في بلد كل شيء فيه هش… يظل الأمل رهانًا عنيدًا.

3-” تونس في مفترق السياسة: برلمان بلا أحزاب قوية… فمن يملأ الفراغ؟”

 

منذ اللحظة التي أعلن فيها الرئيس قيس سعيد عن حل البرلمان السابق في صيف 2021، دخلت تونس منعطفًا سياسيًا غير مسبوق.

وها هي اليوم تقف أمام استحقاق انتخابي جديد، يحمل في طياته سؤالًا وجوديًا: هل تبقى التجربة الديمقراطية قائمة، ولو بصيغة محدودة؟ أم أن اللعبة أُعيد ضبطها لصالح السلطة المركزية؟

مشهد بلا أحزاب حقيقية

بعكس جيرانها العرب، كانت تونس حتى وقت قريب تمتلك تجربة حزبية نشطة، وأحزاب ذات تمثيل شعبي واضح، مثل النهضة ونداء تونس.

لكن بعد قرارات الرئيس قيس سعيد الاستثنائية، تراجعت قوة الأحزاب بشكل حاد، وسط اتهامات لها بالفشل، وضعف الثقة الشعبية.

في البرلمان الحالي، والذي جاء بعد انتخابات ضعيفة المشاركة، لا تملك الأحزاب مكانًا حقيقيًا. المرشحون مستقلون، ومقيدون بقوانين جديدة تمنع تشكيل كتل واضحة أو التحدث باسم أحزاب.

أستاذ العلوم السياسية في جامعة تونس قال:

“دي مش مجرد انتخابات… ده اختبار لقدرة الدولة على خلق حياة سياسية من غير حياة حزبية. والنتيجة لسه مش واضحة”.

قيس سعيد: رجل المرحلة أم نهاية السياسة؟

الرئيس قيس سعيد، الذي ما زال يحكم بمراسيم، يحاول فرض تصور جديد للحكم: لا أحزاب، لا وساطات، لا “نخب فاسدة”، بل دولة يقودها “الشعب” من خلال ممثلين مباشرين.

لكن الشارع، الذي استبشر بسعيد في البداية، بدأ يُظهر علامات تعب واضحة.

في مقابلة مع شاب تونسي في سيدي بوزيد قال:

“إحنا صوتنا للرئيس لأنه وعدنا بالكرامة… بس لحد النهارده، الأسعار مولعة، والبطالة زي ما هي، ومفيش فرق بينه وبين اللي قبله”.

المعارضة: مشتتة… لكنها لا تزال تصرخ

تحاول أحزاب مثل النهضة والجبهة الشعبية وبعض القوى اليسارية أن تُعيد تنظيم صفوفها، لكنها تواجه ضغوطًا قضائية، وإعلامًا معاديًا، وعزوفًا شعبيًا عن كل ما هو “قديم”.

الانتخابات المقبلة، رغم ضعف المشاركة المتوقعة، ستكون ساحة اختبار لهذه القوى: هل يمكنها العودة بلغة جديدة، أم أنها أصبحت رموزًا من الماضي؟

الشعب: تعب… لكنه لا يصرخ

من التجول في الأسواق، وسماع الناس في المقاهي، يبدو واضحًا أن السياسة لم تعد موضوعًا يثير الحماسة.

لكن ذلك لا يعني قبولًا تامًا، بل صمتًا مشحونًا، ينتظر لحظة قد تفجّره.

الخبير الاقتصادي التونسي لطفي العبدلي يقول:

“لو الوضع الاقتصادي استمر على حاله، مش الانتخابات اللي هتفرق… الناس هتثور من جديد، بس مش من أجل أحزاب أو رؤساء… من أجل العيش فقط”.

 

أما اخلاصة الأمر وهي :

تونس تدخل الانتخابات القادمة وسط فراغ سياسي، وسخط شعبي، وشكوك دولية.

التغيير لا يبدو قريبًا، لكنه أيضًا ليس مستحيلًا.

ربما لا تفوز الأحزاب، ولا المعارضة، ولا حتى الدولة…

لكن الخاسر الأكبر سيكون هو الصمت، إذا استمر طويلًا. 4- “لبنان على مفترق الطرق: انتخابات برلمانية بين الإصرار على التغيير وواقع المحاصصة”

 

في بلد يحبس أنفاسه منذ سنوات تحت وطأة أزمات متلاحقة، من انهيار اقتصادي إلى أزمة سياسية خانقة، تستعد لبنان لانتخابات برلمانية يُنتظر أن تكون الأصعب في تاريخه الحديث.

 

الشعب اللبناني الذي طالما أبدى حنقه على الطبقة السياسية الحاكمة، يجد نفسه اليوم بين مطرقة الإحباط وسندان الأمل في حدوث تغيير يخرجه من الدوامة.

 

خريطة الأحزاب: تحالفات بالاسم فقط، وغياب جديد للثقة

تتشكل الساحة السياسية اللبنانية من تحالفات متعددة، لكن معظمها يشكل امتدادًا للطبقة الحاكمة نفسها، حيث تحافظ أحزاب تقليدية مثل “التيار الوطني الحر” و”حركة أمل” و”حزب الله” على وجودها بقوة رغم التحديات.

 

في المقابل، تحاول قوى جديدة وشبابية، مستندة على حراك 17 تشرين، أن تدفع باتجاه وجوه جديدة وبرامج إصلاحية، لكن محدودية الموارد والتأثير، إلى جانب القوانين الانتخابية المعقدة، تقلل فرصها.

 

مصدر من بيروت قال لنا:

“القانون الجديد معقد، والمحاصصة ما زالت موجودة… الشارع ما بيحس بأي جديد حقيقي.”

 

شارع بيروت: بين سخط الواقع ولامبالاة السياسة

من قلب العاصمة إلى الضواحي، يعكس الشارع اللبناني خليطًا من الغضب واليأس. اللافتات الانتخابية قليلة، والحديث بين الناس يدور حول لقمة العيش والتأمين الصحي أكثر من البرامج الانتخابية.

 

رجل مسن في صيدا قال:

“ما بدنا وعود، بدنا نعيش. هاد كل شي.”

 

لكن في المقابل، هناك شرائح شبابية تحاول استثمار الانتخابات كفرصة لإحداث فرق، رغم كل الصعوبات، معتبرة أن المشاركة خيار لمواجهة الانهيار السياسي والاقتصادي.

 

المستقلون والمبادرات المدنية: محاولة اختراق وسط الأعاصير

مع تراجع الثقة بالأحزاب التقليدية، يبرز بعض المرشحين المستقلين الذين ينطلقون من منطلقات خدمية وأهلية، لا سيما في المناطق التي شهدت حراكًا شعبيًا كبيرًا في السنوات الماضية.

 

لكنهم يواجهون جدارًا صلبًا من المحاصصة الطائفية والمالية التي تحكم المشهد، ما يجعل من مهمتهم شبه مستحيلة، إلا في حالات استثنائية.

 

التحليل: هل يُحدث هذا البرلمان فارقًا؟

الخبير السياسي الدكتور نادر زعيتر يرى أن الانتخابات ستعكس واقع الأزمة اللبنانية بأكمله:

“إذا لم يتمكن المواطنون من اختيار ممثلين مستقلين وذوي نزاهة، فإن البرلمان الجديد سيُعيد إنتاج النظام ذاته، وسيتعمق الانهيار أكثر.”

 

ويضيف:

“لكن هناك إشارات على رغبة حقيقية في التغيير، خصوصًا من الأجيال الجديدة التي لم تعد تقبل الاستسلام.”

 

ختامًا، لبنان يقف عند مفترق طرق برلماني جديد، بين استمرار أزمة الثقة، وصوت الشارع الباحث عن بصيص أمل.

الانتخابات ليست مجرد اقتراع، بل معركة وجودية على مستقبل بلد أنهكه الصراع والتراجع.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى