مقالات

حماس من المقاومة إلى المقامرة: من يدفع ثمن الشعارات؟”

كتب أحمد سالم 

في خضم المآسي المتكررة التي يشهدها قطاع غزة، تخرج تساؤلات مؤلمة وحارقة من قلب الركام: ما هو سلاح المقاومة المزعوم؟ وهل ما يُرفع في وجه عدو مدجج بأحدث الأسلحة يرقى فعلاً لأن يُسمى “سلاحًا”؟ أم أن ما نراه مجرد أنابيب معدنية تُطلق نارًا لا يحرر أرضًا، ولا يردع عدوًا، ولا يحمي شعبًا، بل تستدعي القصف والموت والدمار؟

في كل جولة تصعيد، تتكرر ذات الرواية: “لا خيار أمامنا سوى المقاومة”. لكن أي مقاومة هذه التي لا تصنع توازن ردع، ولا تنتهي بتحقيق هدف استراتيجي واحد، سوى المزيد من الشهداء، والمزيد من الركام، والمزيد من الشاشات التي تبكي ثم تبرر؟

تتحدث حركة حماس عن أسرى في يدها، وتطالب بالإفراج عن خمسة آلاف معتقل فلسطيني مقابلهم. لكن، هل أصبحت حياة ملايين الفلسطينيين مجرد ورقة تفاوض؟ هل يعقل أن يُقايض دم الأطفال، وصوت الأمهات تحت الأنقاض، ومستقبل جيل كامل، بمكاسب سياسية أو تفاوضية، لا تتعدى كونها تثبيتًا لسلطة أمر واقع؟

منذ عام ونصف، قيل لنا إنهم “انتصروا”. لكن أين هو هذا النصر؟ لا أرض تحررت، لا شعب احتفل، لا واقع تغيّر. بل ما شهدناه كان عودة أسرى إسرائيليين إلى ديارهم، مُكرّمين بالذهب والشيكولاتة، بينما يظل أهل غزة يعانون من نقص في الماء، والكهرباء، والدواء.

ثم تُعاد النغمة ذاتها إعلامياً: “لم يكن لدينا خيار”. وكأن حماس لم تكن في موقع القرار. وكأنها لم تختر التوقيت، ولم تتوقع الرد. الأسوأ من كل ذلك، أن تُرمى المسؤولية على الأطراف الأخرى: مصر، الأردن، السعودية، وكل العرب، باستثناء الطرف الذي يسيطر فعليًا على غزة منذ ما يزيد على 15 عامًا.

إن ما يجري ليس مقاومة، بل مقامرة. مقامرة بدم الأبرياء، وبمستقبل غزة، وبقضية عادلة تُختزل في شعارات، وتُدار بمنطق المكابرة، لا بمنطق الحكمة أو التخطيط الاستراتيجي.

المحاسبة صارت ضرورة. من يتخذ القرار يجب أن يُسأل عن نتائجه. ومن يرفع السلاح باسم الشعب، يجب أن يكون مستعدًا لمساءلة هذا الشعب. أما الاستمرار في تبرير الفشل، وتضليل الرأي العام، فليس سوى شراكة في الجريمة.

ومن لا يرى ذلك، إما أعمى بالبصيرة، أو شريك في الكارثة.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى