“ميرنا فكتور”.. من حلم العلاج الطبيعي إلى رحلة بناء إمبراطورية ملابس من الصفر
كتبت نور يوسف
في عالم مليء بالتحديات والطموحات، قد يبدو الوصول إلى النجاح حلماً بعيد المنال، خاصة عندما تكون البداية من نقطة بعيدة تمامًا عن المسار المتوقع. لكن “ميرنا فكتور”، الفتاة الطموحة من مدينة الأقصر، استطاعت أن تحول شغفها بالأزياء إلى قصة نجاح ملهمة. برأس مال بسيط وإرادة قوية ، حيث لا تقتصر أحلامها على ما حققته، بل تستمر في السعي نحو المزيد .
في هذه المقابله، نكتشف كيف صنعت “ميرنا” اسما لامعا في عالم الازياء ،وما هي الصعوبات التي واجهتها ، وكيف تغلبت عليها لتصبح نموذجا يحتذى به في ريادة الأعمال.
في البداية، هل يمكنك تعريفنا بنفسك وبفكرة مشروعك التجاري؟ وما الذي دفعك لدخول مجال الملابس والأزياء؟
أنا ميرنا فكتور، أبلغ من العمر 25 عامًا، من الأقصر. حصلت في الثانوية العامة على مجموع ٩٠%، وكان حلمي أن ألتحق بكلية العلاج الطبيعي، لكن الفرق كان نصف في المئة فقط في إحدى الكليات الخاص ، فلم أتمكن من الالتحاق بها .فأدركت أن الله وضعني في المكان المناسب، وأن الكلية ليست نهاية العالم بل بداية لنجاح آخر. ثم التحقت بكلية التجارة (قسم اللغة الإنجليزية) وحصلت فيها على تقدير جيد جدًا.
لدي شغف كبير بالملابس، وأحب تصميم الأزياء وتنسيق القطع القديمة بطرق جديدة. بدأت رحلتي في هذا المجال منذ ست سنوات برأس مال قدره ٥٠٠ جنيه حصلت عليه من والدتي. في البداية كان الأمر مجرد تسلية، وكنت أحلم بأن يصل عدد أعضاء مجموعتي إلى ٥٠٠ شخص. في البداية كنت أستلم الطلبات وأقوم بتسليمها بنفسي، حيث كنت انتظر كل شخص في الموقع الذي يود استلام الطلب منه. كما كنت أقوم بتسليم طلباتي من المنزل، أي عبر الانترنت فقط.
مع مرور الوقت، بدأت المصانع تتواصل معي لتزويدي بالبضائع، وانتشر اسمي في جميع المحافظات. بدأت أشتري قطعًا مميزة وأبيعها . في بداية مشواري، كنت أعمل في غرفة داخل منزلنا وأستقبل الزبائن فيها. بفضل تشجيع والدتي وأخواتي، اتخذت خطوة مميزة وصممت حقيبة تحمل اسمي واسم مجموعتي، وكان هذا امرمميز جدا. وبدأت البيع بالجملة بداية من الأقصر إلى شرم الشيخ ، مرورا بالإسكندرية والقاهرة ، وكل المحافظات.
الآن، لدي فكرة تصنيع منتجاتي الخاصة بالتعاون مع المصانع التي تنفذ لي التصاميم، وأقدم موديلات مخصصة لي. أصبح لدي الآن زبائن من جميع المحافظات، يأتين إلي للحصول على كل ما يحتجن إليه.
وبجانب الملابس، توسعت أيضًا في إضافة الأحذية، الحقائب، والإكسسوارات. أحببت فكرة أن الفتاة تأتي إليّ لتأخذ كل ما تحتاجه بشكل متكامل من عندي فقط. وما زالت لدي الكثير من الأحلام التي سأحققها. وكان أكبر داعم لي في مشروعي، وفي كل خطوة لا تتم بدونها، هي والدتي. وأخواتي دائمًا يشجعونني بصدق. أكبر مبدأ أتبعه هو “ربح قليل وزبائن كثيرون”، وهذا ما نجحت في تحقيقه.
ما هي الصعوبات التي واجهتيها في بداية دخولك المجال، وكيف تمكنت من التغلب عليها؟
في البداية، كانت الصعوبات تتمثل في شرائي البضائع من أماكن بأسعار مرتفعة جدا، ومع الوقت كانت هذه الصعوبات تمر.
ومع ازدياد نجاحي، بدأت تظهر صعوبات جديدة، منها المنافسة مع العديد من الأشخاص من مختلف المحافظات. كما كانت تصل شكاوى كثيرة للمصانع حول أن أسعاري أقل. ولكن مع كل شكوى، كان المصنع نفسه يمنحني خصمًا ويُرسل لي فاتورة تتضمن خصمًا جيدًا، مما يتيح لي الفرصة لتقديم عروض أكثر وتنزيل منتجات جديدة.
استطعت التغلب على هذه التحديات من خلال اعتمادي على الله، وهو كان يتولى الأمر حقًا. وكنت أحرص دائمًا على جلب منتجات مميزة ومختلفة لأثبت اسم “ميرنا” بشكل أكبر وأقوى.
ما هو مصدر دعمك وإلهامك في عملك؟
نجاحي هذا يعود إلى امرأة عظيمة، وهي أمي، التي كافحت ونجحت. لقد حصلت والدتي على لقب “الأم المثالية”، فهي امرأة بمليون رجل. كانت السند لوالدي بعد إصابته بحادث، مما أدى إلى بقائه على الفراش لمدة عشر سنوات، وهي كانت تعتني به وتدعمه. ورغم كل هذه التحديات، كانت تعمل أيضًا، حيث تملك سيارة وتوصل بها الأطفال إلى المدارس. والدتي مكافحة جدًا، وأنا أتعلم منها الكثير.
والدتي وأخواتي هم أكبر داعم لي بعد الله، وهناك أيضًا صديق خفي كان الداعم الأكبر لمشروعي، وكان معي خطوة بخطوة، لكنني لا أرغب الآن في أن يعرفه أحد.
مجال عملك بعيد تماما عن مجال دراستك، هل التحقتِ بدورات تدريبية أم أن هذا تعلم ذاتي؟
لا، لم أدرس أي دورات، فهذا الأمر ينبع من داخلي، فأنا أحب التجارة مثل والدي. كان يعمل في مجال السياحة، ولكن بجانب ذلك كان يشتري كل شيء ليبيعه في المراكب.
كيف تسوقين لتصاميمك؟ وهل تواجهين عوائق في التسويق؟
أقوم بتسويق منتجاتي عبر مجموعات كبيرة، والآن افتتحتُ متجرًا صغيرًا أسفل منزلي. يأتي الزبائن لرؤية كل شيء في المتجر. تدخلين وأنتِ تفكرين في شراء قميص فقط، لكنك تغادرين وقد اشتريتِ قميصًا وبنطالًا معه، بالإضافة إلى بيجامة، وتدفعين المال وأنتِ مقتنعة وسعيدة، بل وترغبين في الشراء مرة أخرى.
ما هو الإنجاز الأكبر الذي حققتِه في مسيرتك؟
عندما افتتحت متجري، ورغم أن موقعي ليس في وسط المدينة أو في مكان معروف ، بل في منطقة “السواقي”، إلا أنني أُفاجأ بقدوم زبائن من أماكن بعيدة مثل إدفو أو أسوان أو حتى القاهرة لشراء منتجاتي. وفي أوقات العيد، عندما أسمع عبارات مثل: “لقد جُلنا الأقصر بأكملها ولم نجد شيئًا مميزًا إلا عندك” أو “نحن قادمون من قنا لشراء ملابس العيد من متجرك”، أو “أنا عروس وأتيت من إدفو لأن ملابسك مميزة”، أشعر بفخر وامتنان كبيرين.
إذا كان بإمكانك إعادة أي شيء في رحلة نجاحك، فما الشيء الذي ستعيدينه أو تغيرينه؟
أن لا أسمح لنفسي بالانزعاج أو التأثر بأي كلام سلبي، لأن ذلك يعيدني إلى الوراء بمليون خطوة. بل على العكس، أسعى لتحقيق النجاح وأرد على كل الطاقة السلبية بعملي ونجاحي. وهذا يمنحني طاقة إيجابية تدفعني إلى الأمام ويجعلني أخرج أفكارًا مميزة.
هل هناك أسلوب معين أو علامة مميزة لملابسك تجعل الزبائن يعرفون أن هذه القطعة من متجرك؟
الكثير، فأنا أعد طقما كامل، وأعرض صورا وانا أرتدي منتجات.
وهناك شيء مميز جدًا، حيث كان أي شخص يرى ذلك الحلق يقول: “هذا حلق ميرنا”، وكانت تلك العبارة تعني لي الكثير.
ما هو الحلم الذي ما زلتِ تسعين لتحقيقه في المستقبل؟ وهل لديك خطط لتوسيع نشاطك؟
أرغب في فتح فرع في قلب الأقصر ليكون لدي فرع آخر بجانب المتجر الحالي. ولدي العديد من الخطط وآمل أن أحقق نجاحات كثيرة بإذن الله. كما نسيت أن أخبرك أنني أحب أن أشارك في أي صفقة. لقد دخلت في صفقة جبن موزاريلا، ومناديل، وصابون. أحب أن أجتهد واثابر في كل شيء.
فوالدي رحمه الله كان لديه عقل تجاري ، وقد ورثت هذه الصفة منه.
رحم الله والدك. ما هو الدرس الأهم الذي تعلمتيه من والدك في مجال التجارة والذي لا يزال يؤثر عليك حتى الآن؟
إن التجارة تتطلب الذكاء، وأن المحاولة هي أمر جيد، مرة ومرتين وثلاثًا، وأن الخسارة لمرة واحدة ليست نهاية العالم بالنسبة لي.
كيف توازنين بين عملك في مجالات متعددة وحياتك الشخصية؟
استطيع أن أوازن بين حياتي الشخصية ويرجع ذلك إلى، أننا بطبيعتنا نستخدم الهواتف طوال اليوم. فلماذا لا نستفيد من هذا الوقت في أمر مهم مثل العمل؟
ثم إن نشر المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي لا يستغرق سوى بضع دقائق، فنستغل الوقت في شيء مميز، ونحقق من وراءه أرباحا.
ما هي النصيحة التي تودين توجيهها لأي شخص يدخل هذا المجال أو يبدأ عملا تجاريا بشكل عام؟
إذا كان هناك شخص يرغب في دخول هذا المجال، فأنا بالفعل مستعدة لمساعدته. أنا أؤمن بشدة بتشجيع أي شخص يبدأ في مجالي، وسأدعمه أيضًا بالمنتجات والعمل حتى يحقق النجاح ويصل إلى ما أطمح إليه. ادخلوا ولا تدعوا أي شخص يؤثر فيكم مهما حدث، فالنجاح جميل.
تقدم لنا “ميرنا فيكتور” نموذجا ملهما لكل من يسعى لتحقيق أحلامه. من بداية متواضعة إلى نجاح باهر في عالم الموضة ، ورغم كل ما حققته، لا تزال “ميرنا” تطمح لتحقيق المزيد، لتبقى رسالتها واضحه : الإصرار والشغف هما مفتاح النجاح . فما القادم لميرنا ؟ الايام وحدها ستخبرنا .