مقالات

الإمارات.. قاعدة صهيونية بعباءة خليجية”

كتب أحمد سالم 

لا يزال من الصعب فهم السر وراء هذا التحول الاستثنائي الذي شهدته دولة صغيرة مثل الإمارات العربية المتحدة، ذات المساحة المحدودة (قرابة 75 ألف كيلومتر مربع) وعدد السكان الأصليين الذي لا يتجاوز 800 ألف نسمة. فخلال عقود قليلة، أصبحت واحدة من أبرز المراكز الاقتصادية والتجارية في المنطقة، بل والعالم.

ما الذي جعل هذا الكيان، الذي لا يمتلك إرثاً سياسياً عريقاً أو حركات تحرر وطنية أو مؤسسات ثقافية راسخة، يقفز بهذه السرعة إلى صدارة المشهد الاقتصادي الإقليمي؟ هل هو محض اجتهاد داخلي؟ أم أن هناك أيادٍ خفية تدير هذا المشروع من وراء الستار؟

منذ تأسيسها عام 1971، بدت الإمارات وكأنها بنيت بطريقة تضمن تجزئتها إلى كيانات متعددة – سبع إمارات مستقلة في أنظمتها، لكل منها أمير، وقوات أمن، وسلطات محلية. وعلى الرغم من أن إمارة أبو ظبي تستحوذ على أكثر من 75% من المساحة والثروات، فإن هذا التوزيع الجغرافي والسياسي لم يسمح بتشكيل “دولة مركزية” بالمعنى التقليدي.

السكان المواطنون يشكلون أقلية ضئيلة مقارنة بتعداد الأجانب الذين يتجاوز عددهم 9 ملايين، وينتمون إلى أكثر من 200 جنسية. هذا التفاوت السكاني يعزز فكرة أن هذه الدولة لا تعتمد على عنصر سكاني وطني في الإدارة أو الدفاع، وإنما تستند إلى منظومة من العمالة والخبرات الأجنبية.

المشهد في الإمارات، من لحظة الوصول إلى المطار وحتى دخولك أي مرفق خدمي أو إداري، يدار بأيدٍ غير إماراتية. التنظيم والانضباط والدقة لا تختلف كثيراً عن تلك الموجودة في دول متقدمة. ولكن، أين هو المواطن الإماراتي في هذا النظام؟ غائب تقريباً عن الصورة اليومية.

ووسط هذا النمو السريع، تبرز تساؤلات حول مصادر هذه الطفرة الاقتصادية. هل من المعقول أن تدير نخبة صغيرة من شيوخ الخليج، بهذا العدد المحدود من السكان، واحدة من أعقد المنظومات الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط؟ أم أن هناك تمويلاً وتخطيطاً خارجياً يقف خلف هذا المشهد؟

بعض القراءات تذهب إلى أن المشروع الإماراتي هو واجهة لأموال قادمة من كبار أثرياء اليهود في الغرب، ممن سعوا لإنشاء كيان في قلب المنطقة يخدم مصالحهم الاقتصادية دون الارتباط المباشر بـ”إسرائيل” الرسمية، التي تعاني من عزلة سياسية ومخاطر أمنية دائمة.

ويقال إن رجل الأعمال اليهودي المعروف “حاييم سابان” هو من كان وراء الدفع بمحمد بن زايد نحو توقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، وذلك ضمن رؤية أوسع لإعادة تشكيل النظام الإقليمي.

اللافت أن الإمارات تُصنّف ضمن أكثر الدول إنفاقاً على السلاح في العالم، رغم أنها لا تواجه تهديداً مباشراً على حدودها، ولا تمتلك جيشاً بحجم دول أخرى في المنطقة. فلماذا هذا السباق نحو التسلح؟ وهل لهذه الترسانة هدف داخلي أم أنها تُستخدم لأدوار إقليمية؟ السودان، ليبيا، اليمن، وتركيا كلها ساحات ارتبط اسم الإمارات فيها بشكل أو بآخر.

أما من يدير هذه المنظومة المعقدة، فهناك من يشكك بقدرة الأسرة الحاكمة على القيام بكل ذلك بمفردها، ويطرح تساؤلات حول الجهات التي تقدم لها الدعم والتوجيه.

في هذا السياق، يمكن العودة إلى مقولات قديمة مثل تلك الواردة في كتاب “اليهودي العالمي” لمؤسس شركة فورد، هنري فورد، الذي يقول إن “اليهود يفضلون قيادة العالم من الخلف”، ما قد يفسر الاعتماد على واجهات محلية لإدارة مشاريع دولية.

ويبقى السؤال الأخير: لماذا لم تُستخدم “إسرائيل” مباشرة كقاعدة لهذا المشروع؟ الإجابة ببساطة أن إسرائيل، رغم قوتها، لا توفر بيئة آمنة للاستثمار، فهي محاطة بالأعداء، وتفتقر إلى الشرعية الشعبية في محيطها العربي، على عكس الإمارات التي تقدم واجهة ناعمة ومقبولة.

الخلاصة: المشروع الإماراتي، كما يراه البعض، ليس مجرد قصة نجاح اقتصادي خليجي، بل هو جزء من منظومة دولية أكبر، تلعب فيها أبو ظبي دور المركز التجاري والسياسي لمصالح يهودية.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى