مقالات
أخر الأخبار

عار مدارسنا أين العلم والأخلاق بعد اغتصاب براءة طفل؟

 

كتب أحمد سالم 

يا لهول الفاجعة ويا لقبح الجرم! كيف يمكن لمؤسسة تعليمية، من المفترض أن تكون صرحًا للعلم ومنبرًا للأخلاق، أن تتحول إلى وكر للوحشية ومسرحًا لانتهاك الطفولة؟ كيف يمكن لبراءة طفل في الخامسة من عمره أن تُداس بأقدام مريضة وقلوب خاوية في مكان يفترض أن يكون آمنًا ومحميًا؟

إن قضية الطفل “ياسين”، الذي تعرض لتحرش بشع وهو في بداية رحلته التعليمية، ليست مجرد حادث فردي، بل هي صرخة مدوية تدوي في سماء قيمنا ومبادئنا، إنها وصمة عار على جبين كل من تقاعس أو تهاون أو سمح بأن تتحول مدارسنا إلى بيئة موبوءة تهدد أطفالنا في مهد طفولتهم.

أين هو “الحق” الذي يطالب به كل أب وأم؟ أين هي العدالة التي يجب أن تقتص لبراءة مسلوبة وروح معذبة؟ أين هي تلك المؤسسة التي تدعي أنها تبني أجيال المستقبل على أسس العلم والأخلاق والدين؟ أي علم هذا الذي يُدرس بين جدران ملطخة بدماء البراءة؟ وأي أخلاق تلك التي تُغرس في نفوس أطفال يشهدون أو يتعرضون لمثل هذه الفظائع؟ وأي دين هذا الذي يسمح أو يتستر على مثل هذه الجرائم الشنيعة؟

إن المدرسة ليست مجرد مكان لتلقين الدروس وحفظ المناهج، إنها الحاضنة الأولى التي تشكل وعي الطفل وتغرس فيه القيم والمبادئ الإنسانية. فإذا كانت هذه الحاضنة ملوثة، فكيف ننتظر جيلًا سليمًا معافى؟ كيف نأمن على مستقبل أطفالنا إذا كانت أولى خطواتهم في الحياة تقودهم إلى براثن الوحوش؟

إن المطالبة بعودة “حق ياسين” ليست مجرد مطلب عاطفي، بل هي صرخة عدل واستغاثة ضمير. يجب أن يعود الحق إلى نصابه، وأن ينال المجرم أقصى العقاب ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه تلويث براءة أطفالنا، يجب أن تتحمل المدرسة المسؤولية الكاملة عن هذا التقصير الفادح، وأن تخضع لتحقيقات شاملة ومحاسبة صارمة.

ولكن الأمر لا يتوقف عند محاسبة المقصرين، إنها دعوة لإعادة تقييم شاملة لمنظومة التعليم بأكملها. يجب أن تكون سلامة وأمن أطفالنا على رأس الأولويات، يجب تفعيل آليات حماية قوية داخل المدارس، وتدريب الكوادر التعليمية على كيفية التعامل مع حالات الاشتباه في التحرش والإبلاغ عنها بشكل فوري وفعال. يجب أن يكون هناك دور رقابي فعال من أولياء الأمور والمجتمع المدني لضمان بيئة تعليمية آمنة وصحية لأطفالنا.

إن صمتنا تواطؤ، وتقاعسنا جريمة أخرى تضاف إلى جريمة التحرش. يجب أن ننتفض جميعًا، آباءً ومعلمين ومسؤولين ومجتمعًا مدنيًا، لكي نعيد للمدرسة دورها الحقيقي كحصن للعلم والأخلاق، ولكي نضمن أن “ياسين” وكل طفل آخر لن يكونوا ضحايا لإهمالنا وتقصيرنا، يجب أن يعود “حق ياسين” قويًا شامخًا، رمزًا لانتصار العدالة على الظلم، وانتصار البراءة على الوحشية.

فلنجعل من قضية “ياسين” نقطة تحول حقيقية في مسيرة تعليمنا، ولنجعل مدارسنا بالفعل أماكن آمنة ومحفزة لنمو أجيال المستقبل على أسس العلم والأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى