
كتبت/ فاطمة محمد
في ظل تصعيد عسكري متواصل، عاد ملف غزة إلى واجهة المفاوضات من مبادرة أميركية يقودها الرئيس ترامب، الذي أعلن عن خطة لوقف إطلاق النار تمتد لـ60 يومًا، مؤكدًا أن واشنطن ستتولى التنسيق مع وسطاء قطر ومصر لضمان تنفيذها.
هدد ترامب بعواقب وخيمة في حال رفض المبادرة، مشيرًا إلى أن “البديل سيكون أسوأ”، بينما أكد موافقة إسرائيل المبدئية، شريطة الحصول على “رسالة ضمان” أميركية تسمح لها باستئناف العمليات إذا أخلّت حماس بالشروط.
ورغم ما أعلنه ترامب، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش لا يزال مستعدًا للتصعيد، وهدد بتحويل غزة إلى “رفح ثانية” في حال فشل مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى، ما يكشف عن فجوة واضحة بين التصريحات السياسية والنوايا الميدانية.
أبدت حركة حماس من جانبها استعدادًا مشروطًا للتجاوب، لكنها رفضت بشكل قاطع أي مطالب بنزع سلاحها أو إبعاد قياداتها
وأكد قياديها أن قرارها داخلي ومؤسساتي، وأن أي هدنة لا بد أن تكون شاملة وتتضمن وقفًا كاملًا للعدوان، وانسحابًا إسرائيليًا، وضمانات دولية حقيقية.
ويرى محللون أن ترامب يسعى لتسجيل “اختراق سياسي” في الملف الفلسطيني-الإسرائيلي، يضيفه إلى رصيده مع اقتراب الانتخابات، خاصةً عبر استثمار هذه التهدئة في توسيع اتفاقيات التطبيع مع دول عربية جديدة
لكنه يواجه تحديات داخلية لدى الجانبين: نتنياهو العالق بين ضغط أميركي وتوازناته اليمينية، وحماس التي تخوض معركة بقاء وسط دمار واسع.
وبينما تتحدث تسريبات عن مقترحات أميركية تشمل نشر قوات عربية مشتركة لإدارة غزة، لكنها تصطدم برفض شعبي فلسطيني واسع، وتباينات إقليمية ودولية معقدة، تعيق بلورتها في المدى المنظور.
على الأرض، تواصل إسرائيل هجماتها الكثيفة على غزة، وسط مشاهد دمار متكرر، امتدت للمدنيين والمرافق الحيوية
وتُتهم تل أبيب بتعميم العقاب الجماعي، واعتبار سكان القطاع جزءًا من المعركة، ما يهدد بإفشال أي وساطة لا تقترن بوقف شامل للعدوان.
وهكذا، تبقى مبادرة ترامب رهينة ميدانٍ ملتهب، وشروط متضاربة، ومصالح متشابكة، في وقت لا تزال فيه حسابات الطرفين أبعد ما تكون عن التلاقي.