
كتبت : مريم مصطفى
تتسارع المنافسة بين الصين والولايات المتحدة للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي العالمي،وبينما تعتمد واشنطن على النماذج المدفوعة والخاصة، تروج بكين لنماذج مفتوحة المصدر ومنخفضة التكلفة، ما يمنحها قوة في الأسواق الناشئة ويثير قلقاً أميركياً متصاعداً.
نجحت الصين في تقليص الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة، بفضل نشر نماذج مفتوحة المصدر مثل DeepSeek، وتوفر هذه النماذج بديلاً منخفض التكلفة للعديد من المؤسسات في أوروبا وآسيا وأفريقيا، حتى إن شركات كبرى مثل “أرامكو” و”إتش إس بي سي” بدأت اختبارها فعلياً
أثار الإطلاق المفاجئ لنموذج DeepSeek، بميزانية محدودة، دهشة الأوساط التقنية الأميركية، في مشهد يشبه “لحظة سبوتنيك” خلال الحرب الباردة،المسؤولون في OpenAI وMicrosoft حذّروا من أن الفارق الزمني مع الصين لم يعد يتجاوز بضعة أشهر.
يعزز التعداد السكاني الضخم للصين من قدرتها على جمع كميات هائلة من البيانات الحيوية لتدريب النماذج، كما تستثمر بكثافة في محطات الطاقة النووية والحوسبة المحلية، وتمتلك 47% من أفضل باحثي الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
وصف خبراء ومجلات مثل The Diplomat التنافس الحالي بأنه “حرب باردة تكنولوجية”، وبدأت الولايات المتحدة حملة دبلوماسية لحشد الحلفاء، بينما تضع الصين قواعد جديدة للذكاء الاصطناعي العالمي وتعرض شراكات مفتوحة للدول النامية.
ويتجه العالم إلى انقسام رقمي بين معايير الغرب (ARM، NVIDIA) ومنظومة الصين (RISC-V، Ascend)، الدول المتأرجحة مثل إندونيسيا وأفريقيا والخليج تجد نفسها أمام خيار صعب بين معسكرين تكنولوجيين متنافسين.
رغم تفوق الولايات المتحدة في الابتكار والاستثمار، إلا أن البيروقراطية البيئية وتأخر بناء مراكز البيانات مثل مشروع Microsoft في ويسكونسن يقفان عائقاً،و في المقابل، تنشئ الصين منشآت مماثلة خلال أشهر، وسط دعم مركزي وتكلفة طاقة منخفضة.
تمنح القوانين الصينية للحكومة صلاحيات رقابة واسعة على البيانات، وهو ما قد يثير مخاوف خصوصية لدى الدول التي تستخدم بنية الصين التحتية، لكنه يمنح بكين مرونة في تصميم نماذج مخصصة لكل سوق ناشئة.
السباق لم يعد فقط حول من يصنع أفضل نموذج، بل من يحدد قواعد اللعبة ويجذب الآخرين للانضمام إلى نظامه
المستقبل قد يشهد تحالفات تكنولوجية على غرار التحالفات العسكرية، والعالم يسير نحو انقسام رقمي عميق.