عرب و عالم
أخر الأخبار

فيديو أسير إسرائيلي جائع يكشف زيف إنكار نتنياهو للمجاعة في غزة ويحرج تل أبيب داخليًا ودوليًا

 

كتبت/ فاطمة محمد 

لم يعد بإمكان حكومة بنيامين نتنياهو الاستمرار في إنكار المجاعة المتفاقمة في قطاع غزة، بعدما بثت المقاومة الفلسطينية مقطع فيديو صادمًا يظهر أسيرًا إسرائيليًا يعاني من الجوع الشديد، وهو يقول بصوت واهن: “أموت جوعًا، أدخلوا الطعام”

هذا المشهد وحده هدم الرواية الإسرائيلية الرسمية، التي ادعت مرارًا عدم وجود مجاعة، وزعمت أن إدخال المساعدات مستمر دون عوائق.

وكان نتنياهو قد صرح قبل أيام بأن “لا أحد في غزة يتضور جوعًا”، مستخدمًا تبريرات بدت واهية؛ من بينها أن وجود سكان أحياء في القطاع دليل كاف على نفي وجود المجاعة، في تجاهل فاضح للوقائع الميدانية.

وتعتمد السردية الإسرائيلية في نفي مسؤوليتها عن الكارثة الإنسانية في غزة على خمس ذرائع رئيسية، سرعان ما انهارت أمام الوقائع، وهي:

1. الزعم بأخلاقيّة الجيش الإسرائيلي، الذي يروّج له منذ عقود كـ”الأكثر أخلاقية في العالم”، رغم ارتكابه مجازر مروعة في غزة، أودت بحياة عشرات الآلاف من الأطفال والنساء، وأدت إلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية المدنية.

2. ادعاء سرقة المساعدات من قبل حماس، وهي تهمة دحضتها الأمم المتحدة، التي أكدت أن عمليات النهب ليست ممنهجة، وأنها تتوقف كليًا بمجرد إدخال كميات كافية من الإغاثة، وأشارت تقارير إلى تورط خلايا مرتبطة بإسرائيل في الاستيلاء على المساعدات بهدف عرقلة إيصالها إلى مستحقيها.

3. القول بأن حماس تبالغ في تصوير الأزمة لأغراض دعائية، وهو ادعاء نسفته مشاهدات موثقة وتقارير من مؤسسات دولية، بينها وكالة الأونروا، التي وصفت المجاعة بأنها “من صنع الإنسان بالكامل”، مشيرة تحديدًا إلى سياسات الاحتلال الإسرائيلي.

4. تنصل إسرائيل من مسؤوليتها القانونية كقوة احتلال، رغم أنها تسيطر فعليًا على حدود القطاع، وتحاصر سكانه منذ أكثر من 17 عامًا، وتمنع دخول الإمدادات عبر المعابر، بما في ذلك معبر رفح رغم اتفاقية 2005، بل وتشن حملة عسكرية تسعى لإعادة احتلال غزة بالكامل ضمن عملية “عربات جدعون”.

5. الاختباء خلف “مؤسسة غزة الإنسانية”، التي أسستها إسرائيل لتظهر وكأنها تبذل جهدًا إنسانيًا، في حين أن هذه المؤسسة تخضع لاعتبارات عسكرية بحتة

وقد أكد مايكل فخري، مسؤول الغذاء بالأمم المتحدة، أن ما يجري “تطهير عرقي” يستخدم فيه الغذاء كسلاح لإخضاع المدنيين وإجبارهم على الهجرة.

وبحسب هيومن رايتس ووتش، فإن إسرائيل تدير “نظامًا معيبا” لتوزيع المساعدات، حوّل الوصول إلى الطعام إلى “مصيدة موت”، حيث تتكرر الهجمات على مراكز التوزيع، ويُطلق الرصاص الحي على الجائعين، في مشهد وصفه أحد مسؤولي الأمم المتحدة بأنه “أشبه بمعسكرات النازي”.

ورغم الضجة التي تحاول إسرائيل افتعالها حول إدخال مساعدات عبر البر أو عبر الإنزال الجوي، إلا أن تقارير الأمم المتحدة وصفت هذه الكميات بأنها لا تذكر، في وقت تمنع فيه دخول مساعدات مكدسة في مدينة العريش المصرية، تكفي القطاع لثلاثة أشهر

وتؤكد الأونروا أن القطاع يحتاج إلى ألف شاحنة مساعدات يوميًا لتفادي المجاعة، بينما لا تدخل حاليًا سوى 146 شاحنة، وفق إحصاءات جيش الاحتلال.

ورغم دعوات دولية واسعة النطاق – من بينها بيان صادر عن 23 دولة ومسؤولين بالاتحاد الأوروبي، وآخر من قادة فرنسا وبريطانيا وكندا – تطالب إسرائيل بالسماح الفوري بدخول الإغاثة، فإن الحكومة الإسرائيلية تواصل صمّ آذانها عن هذه المطالب، وتواصل حرب التجويع كسلاح استراتيجي.

لكن فيديو الأسير الإسرائيلي الجائع كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر الرواية الإسرائيلية، إذ أظهر صورًا مروعة للأسير وقد بدا عليه الهزال الشديد، مرفقة بتعليق من المقاومة: “يأكلون مما نأكل، ويشربون مما نشرب”

كما تضمن الفيديو مشاهد مأساوية لأطفال غزة الرضع، وتصريحات صادمة من الوزير إيتمار بن غفير يدعو فيها إلى إرسال “القنابل بدل الغذاء”.

الصدمة توغلت بين الإسرائيلييم، حيث أعرب زعيم المعارضة يائير لبيد عن غضبه، وتساءل كيف يستطيع أعضاء الحكومة النوم بعد رؤية حال الأسرى

ورفعت عائلات المحتجزين شعارًا جديدًا: “أوقفوا هذا الجنون.. وقعوا اتفاقًا لإعادة الجميع.”

حتى الرئيس ترامب، الذي صرح سابقًا بأن “أطفال غزة يبدون جائعين جدًا”، عاد ليقول: “أعمل على خطة لإطعام سكان غزة”، وأوفد مبعوثه ستيفن ويتكوف إلى القطاع، برفقة السفير الأميركي في تل أبيب، لتقديم تقرير عاجل عن الوضع الإنساني.

ورغم احتمالات لجوء نتنياهو إلى خطوات تجميلية كالحديث عن “هدن إنسانية يومية” مدتها عشر ساعات، أو دعم مقترح ترامب بإنشاء “مراكز طعام بلا حدود”، فإن هذه التحركات لا تلامس جوهر الأزمة، ولا تكفي لإنهاء المجاعة، التي لن يمكن احتواؤها إلا بوقف الحرب، ورفع الحصار، ووقف استخدام الغذاء كسلاح للإخضاع والتهجير القسري.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى