حوارات صحفية

برأس مال ٢٠٠ جنيه …. “انيا مراد” من خطأ في التنسيق إلى مصممة اكسسوارات افراح متميزة

 

 

كتبت نور يوسف 

 

في حوار صحفي ملهم، كشفت “أنيا مراد” ، مصممة الاكسسوارات الشابة ، عن مسيرتها الملهمة من مستقبل غامض ملئ بالتحديات ، إلى حاضر واعد بفضل إصرارها و إبداعها مكنها من تحقيق نجاح لافت .

نص الحوار

كيف تكيفت مع الكلية ، وكيف حولتي مجال دراسة غير مرغوب فيها إلى مسيرة مهنية ناجحة ؟

في ذلك الوقت، كنت قد نسقت اختياراتي بشكل غير صحيح، وعندما ظهرت نتائج التنسيق، فوجئت بالحصول على مقعد في قسم الاقتصاد المنزلي بكلية التربية النوعية، لم أكن أعرف أي تفاصيل عن الكلية، وكنت أشعر أنني مقبلة على مستقبل غامض ليس له أي معالم واضحة. في السنة الأولى من الكلية، واجهت صعوبة كبيرة في التكيف لأن جميع المواد كانت تعتمد على العمل اليدوي والمشاريع التي كان يجب تقديمها أسبوعيًا، كانت والدتي تساعدني وتدعمني، لكنني نفسياً لم أكن أستطيع تقبل الوضع.

في السنة الثانية، أدركت أنه لا مفر من الواقع الذي أواجهه، وأنه يتعين علي التعايش معه، والقرار بيدي: إما أن أستمتع بالكلية التي اختارها الله لي، أو أضيّع أفضل أيام حياتي بالبكاء والندم، لأن أيام الجامعة لا تتكرر. ومنذ أن اتخذت هذا القرار، بدأت الأمور تتحسن تدريجياً، وتحسنت تقديراتي مقارنة بالسنة الأولى، وبدأت أحصل على درجات ممتازة.

 

تعلمت في الكلية كيفية تصميم أي شيء، حتى من قطع القماش التي لا قيمة لها. بدلاً من إلقائها في القمامة، تعلمت كيفية استخراج أفكار متعددة منها والاستفادة منها. وفي النهاية، تخرجت بتقدير جيد جداً.

من آمن بموهبتك وساعدك على تطوير مهاراتك؟

بعد تخرجي، كنت في يوم من الأيام مدعوة إلى حفل زفاف إحدى صديقاتي، وكانت قد اشترت إكسسوار للرأس (هيدبيس) بسعر مرتفع للغاية. في يوم الزفاف، كانت هذه المرة الأولى التي أمسك فيها هيدبيس بيدي. أول فكرة خطرت لي هي: لماذا لا أصنع واحداً بنفسي ويكون سعره أقل بكثير؟ قررت أن أجرب وأصنع عينة لأرى إن كان بإمكاني النجاح في ذلك أم لا.  

عندما بدأت مشروعي، أول شخص أخبرته كانت والدتي. وفي اليوم الذي خرجت فيه للبحث عن المواد اللازمة، كان خطيبي (الذي أصبح زوجي الآن) معي، تحدثت معه عن الفكرة وقلت له إنني أرغب في صنع هيدبيس للعروس، وطلبت منه أن يرافقني لشراء المواد اللازمة، وبالفعل، كان يجول معي بين المحلات.

ما هي العوائق التي تواجهك مع توسعك في المجال ؟

ظهرت أول مشكلة تواجهني؛ فأنا من الأقصر، والمدينة هنا محدودة إلى حد ما فيما يتعلق بتوفير المواد التي أحتاجها للعمل.

ما زلت أذكر ذلك اليوم كما لو كان بالأمس. كانت هذه أول مرة أخرج فيها للبحث عن المواد اللازمة في الأقصر. خرجت من الساعة السابعة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءً وأنا أتجول بين المحلات، لكنني لم أجد أي شيء. في ذلك الوقت شعرت وكأن الطريق قد أغلق أمامي، لأنني لم أتمكن من العثور على المواد التي أحتاجها للعمل.

في ذلك اليوم، كلما شعرت بالتعب وقلت له “لنعد إلى المنزل، يبدو أن الأقصر لا توفر ما أحتاجه”، كان يقول لي “انتظري، دعينا نجرب هذا المحل أيضًا”. وعندما شعرنا باليأس ولم نجد ما نبحث عنه، قال لي: “طالما أن الأقصر لا توفر هذه المواد، سنذهب إلى القاهرة ونبحث هناك بأنفسنا لنعرف من أين تُشترى هذه الأشياء ونحصل عليها”.

وبالفعل، ساعدني في الوصول إلى الأماكن التي تبيع هذه المواد بأرخص الأسعار. الحمد لله، الآن أستطيع أن أوفر إكسسوارات العروس بأسعار مناسبة لكي تتمكن كل الفتيات من ارتداء ما يحلمن به حتى لو كانت الظروف المادية غير مواتية. ربما هذا هو السبب الذي ساعدني على الانتشار والشهرة بسرعة.

في بعض الأحيان، تُطلب مني تصاميم بخامات معينة لا تكون متوفرة هنا، وغالباً ما تكون هذه القطع مستوردة من الخارج وليس لها بديل في مصر. لذلك، أعمل حالياً على كيفية صنعها بنفسي، بمعنى أن تكون المواد نفسها مصنوعة يدويًا، وبعد أن أنتهي من إعداد المواد أبدأ في تصميم الهيدبيس أو البوكيه.

هي ليست عوائق بمعنى الكلمة، بل أعتبرها نعمة من الله. حاليًا، بفضل الله، بعد أن بدأت أتعرف ويزداد عدد الطلبات (الأوردرات) لدي، لم يعد لدي الوقت الكافي لإنهاء جميع الطلبات بمفردي، لذا بدأت في تعليم والدتي وأخواتي كيفية مساعدتي في العمل. عندما يحتوي طلب العروس على زهور أو نباتات، أعمل على طلبها بكل سعادة. ودائمًا ما أحاول، إن كان أسلوب فستان العروس يسمح، أن أقنعها بإضافة بعض الزهور في التصميم للخروج عن المألوف من اللؤلؤ والكريستال

هل واجهت صعوبة في الترويج للمنتج؟

بالنسبة لتسويق أعمالي، الحمد لله لم أواجه مشاكل كبيرة. في البداية، كنت أبذل بعض الجهد للترويج، لكن الأمور أصبحت أسهل الآن لأن عملي أصبح معروفًا. كثير من الناس يتواصلون معي ويقولون لي: “عندما رأيت بوكيه فلانة في الزفاف، عرفت أنه من صنعك.” وهكذا أصبح من الواضح أن العروس عندما تحمل بوكيه أو هيدبيس من تصاميمي، يكون معروفًا من شكلها أنني من صممها، حتى دون أن أحتاج إلى نشر صورها على صفحتي.

ماذا شعرتي بعد صناعتك اول قطعة ؟بدأت مشروعي بمبلغ 200 جنيه أخذتها من والدي، فلم يكن معي المال في ذلك الوقت. كان ذلك في عام 2020، وبفضل الله كبر المشروع تدريجياً. عندما صنعت أول قطعة، لم أكن أصدق نفسي، خصوصًا أن النتيجة النهائي كانت دقيقًه ومتقنه. كنت من داخلي واثقة أن القطعة جميلة جدًا، ومتحمسة لتصميم أشكال أخرى مختلفة. لكنني كنت أنتظر أولًا رؤية ردود أفعال الأشخاص المقربين مني عندما يشاهدونها.

 

عرضت القطعة على والدي وأختي وأخي، ثم صورتها وأريتها لزوجي وصديقتي. عندما انبهروا بها واعتقدوا أنها قطعة جاهزة، قررت أن أتوكل على الله وأطلق صفحة على فيسبوك لعرض أعمالي. بعد إنشاء الصفحة وبدأت في نشر صور تصاميمي، كنت الوحيدة في الأقصر التي تقوم بمثل هذا العمل، لذا كانت الفكرة جديدة بعض الشيء. ولكن الحمد لله، وجدت إقبالًا جيدًا لأن الناس أحبوا تجربة القطع، خاصة أن الأسعار كانت بسيطة.

ما هي اكثر قطعة شعرتي بالفخر انك قمت بصناعتها؟

بالنسبة لي، كان النجاح الحقيقي هو في أول طلب تلقيته. كنت في غاية الفرح ولم أصدق أن هناك فتاة وضعت ثقتها بي، خاصة وأنها كانت تستعد لمناسبة سترتدي فيها هيدبيس من تصميمي. كنت سعيدة للغاية لدرجة أنني أوصلت الطلب إلى باب بيتها بنفسي، من شدة الفرحة.

وأكثر شيء أسعدني هو عندما طلبت أول فتاة من الأقصر بوكيه مصنوع يدويًا. كان ذلك من أسعد اللحظات بالنسبة لي، لأنني أدركت أخيرًا أن بنات الأقصر قد غيّرن تفكيرهن وخرجن عن فكرة البوكيهات التقليدية المصنوعة من الزهور. وأصبحت هناك عروس من بلدي ستحمل في يوم زفافها بوكيه مميز ومختلف من تصميمي.

من أين تحصلي على إلهامك عند تصميم الاكسسوارات ، وما هي الخامات التي تفضلين استخدامها؟

عندما تأتي إليّ عروس لتقوم بالحجز، من الضروري أن أتحدث معها في كل التفاصيل وأفهم توجهاتها وأفكارها. قد يستغرق الحديث ساعتين أو ثلاث ساعات، ومن خلال النقاش أستطيع أن أفهم ذوقها وأين يتجه تفكيرها، وبناءً على ذلك أبدأ بالعمل. ولكن من أهم الأمور التي أعتمد عليها في التصميم هو شكل فستانها. هل يحتوي على لؤلؤ، أو زهور، أو ألماس؟ كيف يبدو قماش الفستان؟ هل هي طويلة أم قصيرة؟ إذا كانت طويلة، فلا يمكن أن نصمم لها تاجاً عالياً، لأن ذلك سيجعلها تبدو أطول مما ينبغي. هل وجهها ممتلئ أم لا؟ كل هذه الأشياء يجب أن أعرفها قبل أن أبدأ في تنفيذ التصميم.

عندما بدأت في هذا المجال، كنت أصمم فقط الهيدبيس والتيجان، لكن مع مرور الوقت، أقنعتني صديقتي بأن أضيف إلى عملي تصميم البوكيهات التي تحتوي على اللؤلؤ والإكسسوارات، خاصة وأنه لا يوجد أحد في الأقصر كان يقوم بذلك. وبالفعل بدأت في هذا المجال، ولكن في البداية كان مفهوم البوكيهات التي تحتوي على لؤلؤ أو أعمال يدوية غير منتشر بشكل كبير في الأقصر، لذا كانت الطلبات تأتيني غالبًا من محافظات الوجه البحري.

ما هي أكثر المحافظات التي تتلقي منها طلبات ؟

أكثر المحافظات التي تصلني منها طلبات هي القاهرة والجيزة، لكن الحمد لله، عملي انتشر ووصل إلى أسوان، قنا، نجع حمادي، سوهاج، أسيوط، الغردقة، مرسى مطروح، والإسكندرية. وقد قمت بشحن طلبيتين إلى جنوب سيناء، وكنت في غاية السعادة بتلك الطلبات. كما أن هناك عرائس من السودان طلبن مني تصاميم، ولكنهن كنّ مقيمات في مصر. كذلك، قامت عروس من العرب البدو بطلب تصميم مني سابقًا. الحمد لله، شغلي وصل إلى جميع المحافظات

ما هي احلامك وطموحاتك للمستقبل؟ وهل تريدين إنشاء خط انتاج في مصر باسمك؟

في البداية، كان الأمر يدور في ذهني، ولكن بعد حسابي، تبين لي أنه إذا أنشأت متجرًا، فلن أتمكن من بيع المنتجات بنفس الأسعار الحالية. وبالتالي، سأفقد شيئًا يميزني في عملي. عندما جاءتني فكرة المشروع، كانت تتمحور حول تقديم نفس المنتجات ولكن بأسعار أقل. وأطمح أن يصل إلى خارج مصر.

 

في الفترة الأخيرة، تواصل معي بعض الأشخاص من السعودية، فلسطين، والكويت، وسألوني إذا كنت أشحن خارج مصر. حاليًا أبحث في موضوع الشحن الدولي. وقد نزلت “استوري” لأهل فلسطين، لأن هناك ثلاث فتيات من فلسطين تواصلن معي من قبل ويرغبن في التعامل معي. وقلت إنه بمجرد أن يصبح الشحن الجوي متاحًا لي، سيكون أول طلب يسافر إلى فلسطين هدية مني للعروس.

ماذا تنصحين من يطمح لدخول هذا المجال؟

نصيحتي لأي شخص يدخل هذا المجال هي أن أي شيء في بدايته سيكون مليئًا بالصعوبات، ولكن إذا أحببنا ما نقوم به، فلن نشعر بصعوباته وسنعرف كيف نستمتع به.

في الختام، هل لديك ما تريدين إضافته ؟

أرغب في إهداء النجاح الذي وصلت إليه إلى والدتي ووالدي وزوجي وإخوتي وصديقتي مونيكا، لأنني بدون تشجيعهم لم يكن ليتعرف أحد عليَّ أو لأصل إلى ما أنا عليه الآن.

 

 

بفضل إرادتها القوية وشغفها، استطاعت أنيا مراد تحويل أحلامها إلى واقع ملموس، مما يجعلها مصدر إلهام لكل من يسعى لتحقيق أهدافه رغم الصعوبات.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى