تحقيقات وتقارير

كيف تصنع الدراما والإعلام مجرمًا بطلاً؟

كتبت: ندي خالد

حذّرت الدكتورة سارة فوزي، مدرس الإعلام بجامعة القاهرة، من خطورة تعاطف الجمهور مع الجناة على حساب الضحايا، مؤكدةً أن الدراما تلعب دورًا أساسيًا في تبرير الجريمة. وأوضحت أن بعض الأعمال الفنية تُعيد تشكيل صورة المجرم، فتقدّمه في هيئة الشاب القوي المكافح، مستعينةً بممثلين يتمتعون بجماهيرية كبيرة، مما يُضعف قدرة المشاهد على إدانة الشخصية التي يشاهدها. وبدلًا من رفض العنف، يتولّد لدى الجمهور نوع من التعاطف مع الخارجين عن القانون، خاصةً عندما تُركّز الدراما على الصراعات النفسية التي يُفترض أنها دفعت هؤلاء إلى الإجرام.

وأضافت «فوزي» أن تقديم القاتل في إطار رومانسي يُفاقم الأزمة، حيث تُصوّره بعض الأعمال كحبيب مخلص يسعى للزواج، أو كأب حنون يعطف على أطفاله، مما يمنحه ملامح إنسانية تُخفّف من وقع جرائمه في نظر المشاهد. والأخطر، وفقًا لها، هو بثّ الأمل في أن هذا المجرم قد يتغير إلى شخص صالح إذا وجد من يحتضنه، مما يُحوّل فكرة المحاسبة إلى دعوةٍ للتسامح معه بدلاً من رفضه.

دور الإعلام في تضخيم صورة الخارجين عن القانون

وعلى صعيد وسائل الإعلام، أشارت «فوزي» إلى خطأ جسيم تقع فيه بعض البرامج التلفزيونية والمواقع الإخبارية، حيث تمنح مساحةً إعلامية للمجرمين ليُقدّموا أنفسهم كضحايا عبر مقاطع فيديو يبثونها، يعكسون فيها روايتهم المشوّهة للأحداث. وأوضحت أن هذا النوع من التغطية قد يشجّع مجرمين آخرين على تقليدهم، إما بهدف كسب التعاطف، أو بحثًا عن الشهرة. وفي كلتا الحالتين، يُسهم الإعلام في تصاعد النزعة الإجرامية لدى البعض، بدلًا من التصدي لها.

وأوصت «فوزي» بضرورة تجاهل هذه المقاطع وعدم الترويج لها، داعيةً وسائل الإعلام إلى التركيز على نشر العقوبات القانونية التي تنتظر المجرمين، بهدف توعية الجمهور بمخاطر الجريمة وعواقبها القانونية. كما شدّدت على أهمية دور وزارة الداخلية في مواجهة هذه الظاهرة، من خلال حذف الصفحات الإلكترونية التي تحرّض على العنف والكراهية، إلى جانب تغليظ العقوبات على نشر الأخبار الزائفة والترويج لأفكار القتل واستباحة الدماء.

وفي ختام حديثها، أكدت «فوزي» على ضرورة التنسيق بين الجهات الأمنية ووسائل الإعلام لمنع إعادة نشر الفيديوهات التي ظهر فيها مجرمون خطرون، مثل محمد محسوب، الذي استغل مواقع التواصل الاجتماعي قبل تصفيته من قبل وزارة الداخلية مساء الإثنين، محاولًا خداع الجمهور والتأثير على الرأي العام.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى