محمد سامي.. المخرج الذي أفسد الدراما المصرية واعتزاله خطوة للهروب؟

كتب أحمد سالم
إذا أردنا الحديث عن تدهور الدراما المصرية في السنوات الأخيرة، فلا يمكن تجاهل اسم محمد سامي، المخرج والسيناريست الذي صنع لنفسه مكانة وسط موجة من الأعمال التي تعتمد على العنف، الصراخ، الرقص، والألفاظ الخارجة، هو ليس فقط صانع أعمال تثير الجدل، بل ربما يكون أحد أهم أسباب تراجع مستوى الدراما، وتحويلها من فن راقٍ يعكس المجتمع إلى ساحة للفتوات والبلطجة والاستعراضات الفارغة.
في الأيام الأخيرة، أعلن محمد سامي اعتزاله الإخراج والعمل الفني، وهو قرار أثار علامات
علامات استفهام كثيرة :
هل جاء هذا القرار عن قناعة، أم أنه مجرد خطوة استباقية للهروب من المحاسبة، خاصة بعد الأنباء عن تقييم حكومي لمستوى الدراما المصرية وأسباب تدهورها.
كيف أفسد محمد سامي الدراما المصرية؟
منذ أن بدأ محمد سامي في تقديم أعماله، اعتمد على تركيبة محددة من الشخصيات والمواقف :
أبطال مسيطرون بشكل غير منطقي : نموذج “الفتوة” أو الرجل القوي المتحكم في كل شيء، كما رأينا في جعفر العمدة، نسل الأغراب، وغيرها. هؤلاء الشخصيات دائمًا يسيطرون على النساء، يخوضون معارك بلا مبرر، ويتحدثون بأسلوب مستفز.
العنف والصراخ : لا يوجد مشهد يمر دون صراخ أو معركة أو تهديد بالقتل، وكأننا في مجتمع الغاب لا في دراما تعكس الواقع المصري الحقيقي.
الإسفاف والانحطاط الأخلاقي : مشاهد الرقص التي لا علاقة لها بالسياق الدرامي، الألفاظ البذيئة التي أصبحت جزءًا أساسيًا من الحوار، والترويج لنمط حياة لا علاقة له بالقيم والأخلاق.
التكرار والملل : رغم كل الضجة التي تصاحب أعماله، إلا أنها في النهاية تدور في نفس الدائرة. نفس الحبكات، نفس التيمات، نفس الحوارات التي حفظها الجمهور عن ظهر قلب.
هل اعتزاله حقيقي أم هروب من المحاسبة؟
القرار جاء في توقيت حساس، خاصة بعد تصاعد المطالب بمحاسبة صناع الدراما على المحتوى الذي يقدمونه، الحكومة بدأت في مراجعة الأعمال التي تُعرض على الشاشة، وسط تساؤلات حول من المسؤول عن نشر هذا الكم من العنف والانحطاط الأخلاقي.
في ظل هذه الأجواء، يبدو أن محمد سامي فضّل الانسحاب قبل أن يجد نفسه في موقف صعب، ربما شعر بأن هناك حملة قد تطاله، فقرر أن يبتعد مؤقتًا حتى تهدأ الأوضاع، ثم يعود من جديد تحت أي مبرر.
متى تعود الدراما المصرية إلى مجدها؟
مشكلة الدراما المصرية ليست فقط في محمد سامي، ولكن في النهج الذي أصبح سائدًا، حيث يتم استسهال تقديم العنف والإسفاف بدلاً من تقديم أعمال تحترم عقل المشاهد، الحل لن يكون فقط في اعتزال مخرج واحد، بل في وضع معايير حقيقية تُلزم الجميع بتقديم محتوى راقٍ ومناسب لقيم المجتمع المصري.
اعتزال محمد سامي قد يكون مجرد خطوة تكتيكية، ولكن الأهم هو أن يكون هناك تصحيح للمسار الفني كله، حتى تعود الدراما المصرية إلى مكانتها الحقيقية بدلاً من أن تصبح مجرد ساحة للفتوات والصراخ.