أخبار فلسطين

فلسطين.. قلب الأمة النابض وسر صراع الحضارات

بقلم سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية

د. أحلام محمد أبو السعود

على مدار التاريخ، كانت فلسطين أرضًا مقدسة، اختارها الله مهدًا للأنبياء، وبارك فيها ومن حولها، فكانت محط أنظار الطامعين والغزاة. لم تكن مجرد بقعة جغرافية على خارطة العالم، بل كانت وما زالت قلب الأمة النابض، ومركز الصراع الحضاري والديني والسياسي.

المكانة الدينية والتاريخية لفلسطين

فلسطين ليست كأي أرض، بل هي أرض الرسالات السماوية، فيها المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، الذي أسري إليه النبي محمد صلى الله عليه وسلم في معجزة الإسراء والمعراج، ليكون رمزًا خالدًا للعقيدة الإسلامية. إنها أرض الأنبياء من إبراهيم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام، ومسرح لأحداث عظيمة غيرت مجرى التاريخ.

لقد ارتبطت فلسطين بالهوية الإسلامية منذ الفتح العمري، عندما دخلها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاتحًا، وأرسى فيها قيم العدالة والتسامح، ثم تلا ذلك العصر الذهبي للقدس تحت الحكم الإسلامي الذي استمر قرونًا، حتى وقعت تحت الاحتلال الصليبي، فهبّ القائد صلاح الدين الأيوبي ليحررها ويعيدها إلى حضن الأمة الإسلامية في معركة حطين الخالدة.

موقع فلسطين الاستراتيجي وأطماع المستعمرين

لم يكن الاحتلال الصهيوني لفلسطين حدثًا عابرًا، بل هو امتداد لمخططات استعمارية أرادت أن تضع يدها على هذه البقعة الاستراتيجية التي تربط بين قارات العالم القديم آسيا،وأفريقيا وأوروبا . ففلسطين تشرف على البحر الأبيض المتوسط، وتُعدّ بوابة الشام، وبوابة فلسطين إلى أفريقيا وتتحكم في طرق التجارة بين الشرق والغرب، مما جعلها دائمًا مطمعًا للقوى الكبرى عبر العصور.

منذ قرون، حاولت القوى الاستعمارية، من الفرس والرومان إلى البريطانيين والفرنسيين، فرض سيطرتها على فلسطين، لكن الاحتلال الأشد خطورة جاء مع المشروع الصهيوني، الذي لم يكن مجرد استعمار تقليدي، بل مشروعًا استيطانيًا إحلاليًا، قائمًا على تهجير الشعب الفلسطيني، وسلب الأرض، وطمس الهوية، بدعم من القوى الاستعمارية الكبرى، وعلى رأسها بريطانيا أولًا ثم الولايات المتحدة، التي أصبحت الراعي الأول للكيان الصهيوني.

الواجب الإسلامي والعربي تجاه فلسطين

إن احتلال فلسطين لم يكن مجرد احتلال أرض، بل هو تحدٍ للعقيدة والهوية الإسلامية، وهو صراع ديني أقره الكيان الصهيو، ني ولذلك فإن الجهاد لتحريرها ليس خيارًا بل فرض عين على كل مسلم، كما أقره العلماء عبر العصور. لا يمكن للأمة أن تنهض وتستعيد عزتها إلا حينما تدرك مسؤوليتها تجاه فلسطين، وتستخدم كل مقدراتها في سبيل تحريرها، من الجيوش إلى الثروات الاقتصادية والإعلامية، تمامًا كما يفعل أعداؤها لدعم الاحتلال.

اليوم، في الوقت الذي يواجه فيه الشعب الفلسطيني آلة القتل الصهيونية بصدور عارية، ويقدم الأطفال والنساء دماءهم دفاعًا عن الأرض والمقدسات، يقف أكثر من مليارَي مسلم وعربي في حالة من السبات، غافلين عن واجبهم التاريخي. لكن التاريخ لن يرحم المتخاذلين، والتقصير في نصرة فلسطين سيظل وصمة عار في جبين الأمة.

رسالة إلى شعب الجبارين

يا أبناء فلسطين، أنتم رأس الحربة، أنتم حراس الأقصى، أنتم الشعلة التي لا تنطفئ في وجه الظلم والطغيان. صبركم وجهادكم هو الذي يرسم الطريق نحو النصر، وكما انتصر صلاح الدين بالأمس، وكما دحرت المقاومة الاحتلال مرارًا، فإن الاحتلال إلى زوال، لأنه كيان دخيل لا يملك جذورًا في هذه الأرض الطاهرة.

فلسطين ليست قضية سياسية فقط، بل هي عقيدة، وهي شرف الأمة، وهي معركتنا الكبرى التي لا تقبل الحياد. وسيأتي اليوم الذي تتحرك فيه الأمة من سباتها، وتدرك أن عزتها لا تكتمل إلا بتحرير مسرى نبيها، وإن غدًا لناظره قريب.

المجد والخلود لشهداء فلسطين، والنصر لشعب الجبارين.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى