هبة السويدي.. من الألم الشخصي إلى مسيرة إنسانية عظيمة

كتبت/مريم مصطفى
في عالم يزخر بالقصص الإنسانية الملهمة، تبرز قصة هبة السويدي كواحدة من أبرز النماذج التي تجسد التحول من المعاناة الشخصية إلى العمل الخيري المؤثر،و لم تكن رحلتها في خدمة المجتمع مجرد اختيار، بل كانت استجابة لحدث مأساوي غيّر مسار حياتها بالكامل، فدفعتها مأساتها الشخصية إلى تأسيس مؤسسة “أهل مصر”، التي أصبحت اليوم من أهم الجهات الداعمة لمصابي الحروق في مصر.
المأساة التي غيرت حياة هبة السويدي
هبة السويدي لم تكن سيدة أعمال أو ناشطة في المجال الخيري منذ البداية، بل كانت أمًا تعيش حياة طبيعية حتى وقع الحدث الذي غيّر حياتها إلى الأبد،وفي عام 2018، تعرض ابنها إسماعيل لحادث مأساوي بسبب لعبة إلكترونية شهيرة تُعرف بلعبة “تحدي الحوت الأزرق”، والتي أدت إلى وفاة العديد من الأطفال والمراهقين حول العالم.
فقدت هبة ابنها، الشاب ذو الـ18 عامًا، في حادثة لم تكن تتوقعها، وكانت الصدمة قوية لدرجة أنها لم تستطع تجاوزها بسهولة، إلا أنها، بدلاً من الاستسلام للألم، قررت أن تحول معاناتها الشخصية إلى طاقة إيجابية تساعد بها الآخرين، فبدأت في التفكير بكيفية إحداث فرق في حياة الناس، خاصة أولئك الذين يعانون من أزمات مشابهة.
انطلاق مؤسسة “أهل مصر” ودورها في دعم مصابي الحروق
لم يكن تأسيس مؤسسة “أهل مصر” مجرد قرار عابر، بل كان خطوة مدروسة اتخذتها هبة السويدي بعد أن لاحظت نقص الدعم والرعاية المقدمة لمصابي الحروق في مصر،ووجدت أن هؤلاء المرضى يعانون ليس فقط من الآلام الجسدية، بل أيضًا من الإهمال المجتمعي والنفسي، مما دفعها إلى إنشاء أول مستشفى متخصص لعلاج الحروق في مصر.
أهداف مؤسسة “أهل مصر”
1. تقديم العلاج المجاني لمصابي الحروق، بغض النظر عن حالتهم الاقتصادية.
2. توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى وأسرهم.
3. زيادة الوعي بمخاطر الحروق وطرق الوقاية منها.
4. إطلاق حملات تبرع لجمع الأموال لإنشاء المستشفى وشراء المعدات الطبية اللازمة.
منذ تأسيسها، ساعدت المؤسسة آلاف المصابين بالحروق، وساهمت في تغيير حياة العديد من العائلات التي لم تكن قادرة على تحمّل تكاليف العلاج الباهظة.
في إطار حملاتها لنشر الوعي حول معاناة ضحايا الحروق، أطلقت مؤسسة “أهل مصر” إعلانًا تلفزيونيًا قويًا أثار جدلاً واسعًا،وركّز الإعلان على إبراز الحالات الصعبة التي تتعامل معها المؤسسة، وعرض مشاهد مؤثرة لضحايا الحروق، بهدف تحفيز المشاهدين على التبرع ودعم المستشفى.
اعتبر الكثيرون أن الإعلان كان ضروريًا لكشف حجم معاناة مصابي الحروق وتسليط الضوء على مشكلاتهم.
و رأى بعض المشاهدين أن الإعلان كان صادمًا، خاصة للأطفال، وطالبوا بتخفيف حدة المشاهد المعروضة.
وأكدت أن “الواقع أكثر قسوة مما رأيتم”، مشيرة إلى أن الهدف من الإعلان لم يكن إثارة الخوف، بل حث المجتمع على التفاعل مع القضية والتبرع لإنقاذ المرضى.
إنجازات هبة السويدي ومستشفى أهل مصر للحروق
مع مرور السنوات، تمكنت هبة السويدي من تحقيق إنجازات عظيمة في مجال دعم مصابي الحروق، حيث افتتحت مستشفى “أهل مصر” ليكون أول مستشفى من نوعه في الشرق الأوسط لعلاج الحروق بالمجان.
علاج آلاف الحالات من ضحايا الحروق مجانًا.
توفير غرف عمليات وأجهزة طبية متطورة لمساعدة المرضى على التعافي بسرعة
تنظيم حملات توعوية في المدارس والجامعات حول كيفية التعامل مع الحروق والوقاية منها.
تدريب الفرق الطبية والممرضين على أحدث الأساليب العلاجية في مجال الحروق.
اليوم، يُعتبر المستشفى نموذجًا يُحتذى به في المجال الطبي والإنساني، وأصبح مركزًا رئيسيًا لإنقاذ حياة مئات الأشخاص سنويًا.
لم يكن تأثير هبة السويدي مقتصرًا على المجال الطبي فقط، بل امتد إلى المجتمع بأسره، حيث ساهمت في تغيير نظرة الناس لضحايا الحروق، وجعلت قضاياهم أكثر حضورًا في الإعلام والرأي العام.
زيادة التبرعات والمساهمات الخيرية للمستشفيات والمؤسسات الإنسانية.
كسر الوصمة الاجتماعية التي كانت مرتبطة بمصابي الحروق، حيث أصبحوا أكثر اندماجًا في المجتمع.
إلهام المزيد من الأشخاص والمؤسسات للانخراط في العمل الخيري ودعم الفئات المهمشة.
قصة هبة السويدي تُعد واحدة من أكثر القصص الإنسانية إلهامًا في مصر والعالم العربي، فهي لم تستسلم للألم، بل حولته إلى دافع لخدمة الآخرين،وبفضل جهودها، حصل آلاف المصابين بالحروق على فرصة جديدة للحياة، وأصبح مستشفى “أهل مصر” منارة أمل لكل من يحتاج إلى الرعاية والعلاج.
ورغم كل الصعوبات والتحديات، تواصل هبة السويدي مسيرتها الإنسانية، لتثبت أن الخير يمكن أن ينبثق حتى من أقسى المآسي، وأن الإنسان قادر على تحويل حزنه الشخصي إلى نور يضيء حياة الآخرين.