تحقيقات وتقارير

الصراعات الإقليمية وتأثيرها على الأمن الغذائي في العالم العربي: حينما تُصبح السياسة سببًا في الجوع

بقلم:مريم مصطفى 

في ظل التوترات السياسية والحروب المستمرة في عدد من دول العالم العربي، برزت أزمة الأمن الغذائي كأحد أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات، فالصراعات لم تعد تقتصر على السلاح والدمار، بل امتدت لتضرب موارد الحياة الأساسية، وعلى رأسها الغذاء،و في هذا التقرير، نستعرض كيف أصبحت الأزمات السياسية تهديدًا مباشرًا لسلة الغذاء العربية، ونحلل الأسباب والنتائج، مع محاولة طرح بعض الحلول الممكنة.

الأمن الغذائي يُقصد به قدرة الدولة على توفير الغذاء لمواطنيها بشكل مستقر وآمن، ولكن في ظل النزاعات المسلحة، تتعطل سلاسل الإمداد، وتُهدم البنية التحتية، وتُستهلك موارد الدولة في الحرب بدلًا من التنمية،كل هذه العوامل تؤدي إلى نقص حاد في الغذاء، وارتفاع أسعاره، وازدياد معدلات الفقر والجوع.

 أمثلة من الواقع العربي:

فلسطين (قطاع غزة):

الحصار الإسرائيلي الممتد منذ سنوات، والحروب المتكررة، أدت إلى تدمير البنية التحتية الزراعية، ومنع دخول المواد الغذائية والوقود، مما جعل سكان غزة يعتمدون بنسبة كبيرة على المساعدات الدولية.

السودان:

منذ اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أصبحت طرق النقل غير آمنة، وانهار الإنتاج الزراعي في عدة مناطق، ما أدى إلى موجات من النزوح والجوع، خاصة في دارفور والنيل الأزرق.

اليمن:

الحرب التي بدأت في 2015 جعلت اليمن واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في العالم، حيث يعاني أكثر من 17 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

وتشير تقارير “برنامج الأغذية العالمي” إلى أن أكثر من 53 مليون شخص في الدول العربية يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي.

60% من الأراضي الزراعية في مناطق النزاع أصبحت غير قابلة للزراعة بسبب الألغام أو غياب المياه.

في بعض الدول مثل اليمن، ارتفعت أسعار السلع الغذائية بنسبة تصل إلى 200% خلال سنوات الحرب.

لماذا يحدث ذلك؟ (تحليل سياسي واقتصادي):

استهداف ممنهج: في بعض الأحيان، يكون تدمير مصادر الغذاء جزءًا من استراتيجية الحرب.

العقوبات الاقتصادية: تؤثر على قدرة الدول في الاستيراد.

ضعف البنية التحتية: غياب مؤسسات قوية تجعل من الصعب التصدي للأزمات.

الاعتماد على الخارج: كثير من الدول العربية لا تنتج ما يكفي من الغذاء وتعتمد على الاستيراد، ما يجعلها أكثر عرضة للأزمات.

 ما الحل؟

دعم جهود السلام والاستقرار السياسي كأولوية قصوى.

تشجيع الزراعة المحلية، ودعم الفلاحين في مناطق النزاع.

تدخل إقليمي ودولي أكثر فاعلية لتأمين ممرات غذائية آمنة.

إنشاء صناديق طوارئ عربية لمواجهة الأزمات الغذائية.

الأمن الغذائي ليس قضية إنسانية فقط، بل هو ركيزة من ركائز الاستقرار السياسي والاجتماعي،وإذا استمرت الصراعات في التهام مواردنا الزراعية وتحطيم قدراتنا الإنتاجية، فسنواجه مجاعات صامتة تتغلغل دون أن يشعر بها الكثيرون،و آن الأوان أن ندرك أن الجوع قد يكون أشرس من الرصاص، وأن الحل يبدأ من السياسة.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى