كتبت / رنيم علاء نور الدين
في أحد أحياء الإسكندرية القديمة، وتحديدًا في شارع ضيق متفرع من منطقة المنشية، وقعت جريمة قتل أثارت فزع السكان لبشاعتها وسرعة تنفيذها، حيث قُتلت سيدة خمسينية تُدعى نادية مرسي بعد دقائق من عودتها من السوق، على يد شخص لا يبعد عنها سوى جدار واحد.
نادية كانت أرملة منذ أكثر من عشر سنوات، وتعيش مع ابنها الوحيد كريم، شاب في السابعة والعشرين، يعمل محاسبًا، ويغيب عن المنزل أغلب اليوم. كانت تعرف بين جيرانها بأنها شخصية قوية، لا تسمح بالتدخل في شؤونها، لكنها طيبة القلب ومحبوبة من الجميع.
في صباح الجريمة، خرجت نادية في تمام التاسعة لشراء احتياجاتها اليومية، وعادت بعد ساعة تقريبًا. بعد أربع خطوات من دخولها شقتها، وقبل أن تضع الأكياس، فاجأها جارها في الطابق السفلي، ويُدعى وجيه سالم، موظف سابق بالمعاش، يبلغ من العمر 62 عامًا، بطعنة مباشرة في الجانب الأيسر من الرقبة، باستخدام سكين مطبخ طويل.
الجريمة لم تُكتشف إلا في الثالثة عصرًا، حين عاد كريم ووجد والدته ممددة في الردهة، والأكياس منثورة حولها. للوهلة الأولى، ظن أنها فقدت وعيها، لكن الدماء التي تجمدت على الأرض أكدت له الحقيقة المرعبة.
تحريات الشرطة أكدت أن وجيه كان يعاني من اضطرابات نفسية غير مُشخّصة، لكنه لم يكن يشكل خطرًا معروفًا على من حوله. بعض الجيران قالوا إنه كان يشتكي كثيرًا من الضجيج الذي يصدر من شقة نادية، رغم أن الشقة كانت هادئة دائمًا. أحد الشهود، وهو صاحب محل أسفل العقار، أكد أنه سمع وجيه قبل أيام يتمتم بكلمات مثل: “هي السبب في كل اللي حصل… هي اللي بوظت حياتي”.
عند القبض عليه، لم يُبدِ أي مقاومة، بل قال بهدوء: “أنا خلصت اللي كان لازم أخلصه”. في التحقيقات، قال وجيه إن نادية “كانت تراقبه وتؤذيه نفسيًا” دون أن يحدد كيف، وإنه شعر بأنها تخطط لإيذائه، فقرر أن يسبقها. حديثه لم يكن منطقيًا، وبدت عليه علامات اضطراب شديد.
تقرير الطب النفسي الأولي أشار إلى احتمالية إصابة وجيه بحالة متقدمة من جنون الارتياب (البارانويا)، لكن النيابة قررت حبسه على ذمة التحقيق لحين صدور تقرير نهائي يحدد مدى مسؤوليته الجنائية.
كريم، ابن الضحية، لم يتمالك نفسه أثناء التحقيق، وقال للصحفيين: “أمي كانت دايمًا تقول إن جارنا بيبص لها بطريقة غريبة… بس ما كانتش تتوقع إن نظرة تتحول لطعنة”.
