حوارات صحفية
أخر الأخبار

وليد توفيق لـ المصور: صوت فيروز بيخليني أشوف القدس والإسكندرية في نفس الوقت ووردة صوتها مايتكررش

 

حوار أحمد سالم

في زمنٍ باتت فيه الأغنية تُصنع وتُبث في غضون ساعات، وتُرسل عبر تطبيقات المراسلة كما تُرسل الرسائل القصيرة، يطلّ علينا المطرب الكبير وليد توفيق وهو يحمل في ذاكرته ومشاعره حنينًا لعصرٍ كانت فيه الكلمة تُكتب ببطء، واللحن يُولد بتأنٍ، والصوت يُختبر كأنه آلة موسيقية نادرة تحتاج للعناية والإنصات.

“كنا نحب الصوت قبل ما نعرف شكل صاحبه” هكذا يبدأ وليد توفيق حديثه، مسترجعًا زمن الراديو، وزمن اللقاء الحقيقي بين الفنان والكلمة، بين الجمهور والإحساس، لكنه لا يكتفي بالنوستالجيا، بل يصف الواقع كما هو: عالم سريع، مزدحم، قَلّ فيه الصبر، وتحولت فيه العلاقات إلى إشعارات على شاشات الهواتف

بين الماضي والحاضر، بين الحنين والواقع، نفتح هذا الحوار مع المطرب وليد توفيق لنفهم رؤيته للفن، للحياة، وللتغيرات التي طالت كل شيء من طريقة صناعة الأغنية، إلى شكل العلاقة بين الناس، والفنان، والجمهور.

لما بتسمع أم كلثوم أو عبد الوهاب إيه اللي بتحسه كمطرب؟ انبهار؟ حنين؟

بحس بزمن كان الأغنية لها قيمة، والأغنية عليها رقابة، واللحن عليه رقيب، والمغني عليه رقيب، في لجنة بتسمع وتقرر: يذاع أو لا يذاع، إنما النهاردة مفيش الكلام ده أي حد يغني ويقول أي كلام، فبيرجعني صوت أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالمطلب والشعبيات الحلويين لزمن الحلو، عشان كدا سموه الزمن الجميل، ويوريني مصر زي ما كنت بشوفها في السينما ولما زرتها في 74.

 

إيه سرّ الخلود في أغاني زمان؟ هل هو اللحن؟ الكلمة؟ ولا حاجة أعمق؟

الخلود لا يخلد إن كان لحن أو كلام أو فيلم أو مسلسل إلا لو كان في إبداع، وفي الزمن ده للأسف قلّ كثير، الأغنية بقت سريعة، الكلمة سريعة، ده أنا ببقي عامل أغنية بقالي شهر يشوفوني بعد أسبوع يقولولي: “إيه الجديد؟” كنا بنعمل أغنيتين في السنة، فالخلود للعمل الحلو والعمل اللي فيه إبداع وده للأسف اتفقد النهاردة رغم إن في أصوات حلوة كثير.

هل الطرب الأصيل ممكن يرجع بقوة في عصر السرعة والترندات؟

لا، صعب جدًا بيحبوا يسمعوا، أنا بغني في الحفلات وكلنا، حتى جورج في طبقة معينة بنسمعها في الطرب القديم، لكن تعمل أغنية طربية أقولك لا ده قديم الشكل ده مش عاوزه زي شكل العربية، زي شكل الصالون، زي شكل البدلة اتغير يقولك: “ده قديم”، لكن ممكن يسمع عبدالوهاب، يسمع أم كلثوم، يسمع عبدالحليم، لإن ده أصلًا اتعمل قديم، زي اللي بيشوف الأنتيكا، بيبقى مبسوط، مبهور، وبينطرب لإن فيه إبداع.

 

لما تسمع صوت وردة، فيروز، أو نجاة هل بتحس إن المدرسة دي انتهت؟ ولا لسه فيها تلاميذ؟

لما بسمع وردة، بحس بالحب، بحس المرأة العشقانة من رأسها لرجليها، فيروز مع فنجان القهوة الصبح توريني لبنان بصوتها، توريني القدس لما تغني بصوتها، توريني الإسكندرية بصوتها، توريني مصر والأهرامات لما تغني بصوتها، فيروز سبحان الله صوت، أنا لما كنت بريد، لما كنت بتعلم الأصوات من المدربة عندها 70 سنة، قالتلي: “أول مرة أسمع صوت كنائسي بيغني شرقي” وده سر فيروز، لإن أكثر اللي بيغني مستعار مش شرقي فرق كبير، وأعطيتني كمان صوت حلو عن عبدالوهاب، صوت عظيم، يغني تكنيك، وأم كلثوم، قالتلي: “دي امرأة مطربة كبيرة، وصوت كبير، بتغني بكل جسمها، وليها صف” لما سمعته قالتلي: “كل حاجه بنعلمها في الغناء في الصوت”، وديع الصافي، سبحان الله.

إنت كفنان عشت بين جيلين الجيل الذهبي وجيل اليوم، إزاي كنت بتحافظ على أصالة الفن؟

أنا فنان عشت بين جيلين و3 دلوقتي، عشت مع جيل محترم جدًا، مع احترامي لناس موجودة دلوقتي في ناس محترمين كثير منهم. عشت مع جيل ناس تعبوا، ناس كبار بتنافسوا، شفت لما بتلعب ملاكمة مع محمد علي كلاي وواحد تاني بنفس المستوى أما لما تجيبلي واحد تاني عادي كان بتنافسوا، عبدالحليم كان ينافس 5 مدارس بصوته، عشان كده مبتزهقش منه. عبدالوهاب، الموجي، جمال الطويل، بليغ حمدي، منير مراد، 5 مدارس بشعراء بيتنافسوا مع بعض على صوت لا يوجد مثيل له. عبدالحليم لأنه بيوصل الكلمة ويمثلها، إذا كانت بالفرح أو الحب أو الحرب أو الثورة. ده سر عبدالحليم حافظ كان ممثل زي عادل إمام بس بصوته، الجيل النهاردة في أصوات حلوة بس مفيش إبداع باللحن، مفيش صبر، أنا عملت أغنية في الألبوم اللي فات، عملت أغانٍ شبابية، ضغطوا عليا، وجبنا ألحان شباب، وعملت أغنية واحدة “ياما لسه بيسألوني”، كلمات عاصم حسين، حبوها الناس اللي بتحب تسمع طرب، بس اللي ضربت مع الشباب “أصحاب السعادة” لمحمد يحيى.

 

هل توافق اللي بيقول إن الكلمة كانت زمان بطلة الأغنية، ودلوقتي بقت مجرد وسيلة؟

الكلمة بطلة، وما زالت بطلة لأن النهاردة أكثر الكلمة بتأثر، الكلمة هي الفكرة، الناس النهاردة مش عايزة أغاني، والوضع والمنطقة كلها تعبانة، في عايزين فكرة الأغنية، وده كان موجود زمان بأفلام سينما، بالمسلسل، إنما الأغاني كانت أغانى حب، إنما النهاردة عايزين “إفيه” للأسف، وفيه مصطلحات جديدة مع الشباب الجديد إحنا متعودناش عليها بيقولها، أنا لو اتعرضت عليا أخاف أقولها، فيها تحدي، فيها كلام مقدرش أقوله، أنا لما عملت “أدوب في دباديبو” ورفضوها في الإذاعة زمان في اتغير الزمن وبقت حرية وبقى أي حد يقول اللي هو عايزه فبقت الأمور صعبة كثير، الأغنية طول عمرها كانت مجرد تسلية ووسيلة، لكن مفيدة تغذي الروح، تغذي الأذن، تصبر الإنسان على وجه الأرض، لكن النهاردة عايزين يرقصوا، للأسف.

حفلة من حفلات أم كلثوم كانت بتاخد ساعتين أو أكتر دلوقتي الأغنية 3 دقايق، هل دي تطور ولا خسارة؟

إحنا دلوقتي منقدرش نستنى الموسيقى الطويلة عشان نستنى الأغنية، لازم نكون صريحين، الوقت بيقصر، عشان كده اخترعوا كل حاجه على التليفون، كنا زمان بنروح بالعربية ونروح المكتب، أما دلوقتي، مفيش، كل حاجه على التليفونات، وغيري وغيري، كله على اللاب.

 

هل الفن بقى مهنة عند ناس، بعد ما كان رسالة وموهبة عند ناس تانية؟

الفن بقى مهنة، وأكبر إثبات إن زمان الفنان كان بيشوف عبدالحليم غنّى إيه، لابس إيه، فيقول: “أنا عايز أبقى زيه”، دلوقتي لا، أنا بشوف الفنان ده بقى عنده ملايين، عنده سيارات، فيقولك: “لازم أبقى زيه” أنا والدتي مكانتش راضية أغني لإن زمان كان الغناء مبيأكلش عيش دلوقتي بيربوا ولدهم وده بنشوفه في برامج بيغنوا الأطفال أحسن من لجنة التحكيم اللي قاعدة بتسمع وده حصل في The Voice Kids، فبقت مهنة لما شافوا الفن بيربح ملايين، وهو طول عمره فلوسه حلوة، بس مكنش الهدف دخوله إنه يطعّمك عيش، لكن هدفك إنك تعمل فن، لإن اللي كان بينافسك كان فنان دلوقتي مين بينافس مين؟ إن كان ملحنين مع احترامي، ودلوقتي في شباب حلوة أوي أوي لكن بيلفوا في مدرسة واحدة اسمها بليغ حمدي، أو مدرسة أجنبية في محاولات، وعندك وليد سعد موهوب جدًا، ومن أشطر الملحنين، وفي شباب كثير صلاح الشرنوبي لما قدر يعمل سكة حلوة أوي بعد بليغ حمدي، كان مشواره حلو، مش عارف ليه وقف دلوقتي، ومن أهم الملحنين، ومن المدارس الكبيرة.

 

لو بيدك تنقل حاجة واحدة من الزمن الجميل للفن الحالي… تنقل إيه؟

أنا عملتها في “بلاش تبوسني في عينيّا”، وعملتها بطريقة عبدالوهاب، وانبسط أوي.

هل شايف إن المعايير اللي بتصنع نجم دلوقتي صحيحة؟ ولا المسألة بقت شهرة بدون عمق؟

دلوقتي معايير النجومية للأسف بقت قصيرة، لو جوا الفنان جامد ويقدر يستمر، ده يبقى حلو، أما دلوقتي بأغنية زي ما حصل مع حبيبنا أبو، كانت “3 دقات” كسرت الدنيا وجميل المطرب لكن خلصنا من الأغنية بنسمع إيه لأبو؟ يمكن عامل حاجات حلوة، لكن الأغنية اللي كانت البطلة، هي النجمة. وأغنية “الغزالة رايقة” دي كسرت الدنيا وبعدين الأغنية برضو هي البطلة، في خطين متوازنين شغالين كويس وقدروا يصمدوا، نعرف عمرو دياب عرف يعمل مزيكا للشباب بذكائه، قدر يستمر حتى بعمره دلوقتي يقدر يعطي أكثر من الأول، وفي حاجة عملها حلوة خلي الفنانين أكثرهم يتمرن رياضة وياخد باله من جسمه وعضلاته، هو اللي فتح الباب ليهم الحقيقة عمرو دياب فنان ذكي، وعندك تامر حسني في السينما وألحانه، وهو قريب من القلب، ومحمد فؤاد اللي وقف سينما، بعديه تامر حسني قدرت السينما تخلق حاجة اسمها تامر حسني للجيل الجديد، وأنا بحبه جدًا.

 

هل في صوت نسائي أو رجالي من الجيل الجديد بتحس فيه طعم الطرب الجميل؟

من الجيل الجديد شيرين عبد الوهاب، بعتبرها من الأصوات الحلوة كثير، أنغام الحقيقة ليها لونها، عندك كمان أصوات دار الأوبرا، مروة ناجي اللي غنت لأم كلثوم، كل أصوات الأوبرا كويسين عايزين فقط فرص، ومرة مروة ناجي كانت معايا ببرنامج في أغنية “رمش عينه”، جابت حوالي 20 مليون، ودلوقتي الحمدلله الناس حابينها، مي فاروق من الأصوات الحلوة، أحمد سعد، أنا حسيت في وقت من الأوقات إن مصر محتاجة صوت شعبي حلو، وهو صديقي، ويُعتبر من أشهر المطربين في مصر.

 

ما هي نصيحتك للجيل الجديد والشباب؟

دور على فكرة، الكلمة لوحدها متنفعش، اللحن لوحده مينفعش، محتاجين فكرة حلوة، وإذا بيقدر وعنده صوت، لازم يتعلم، العلم نور، وفي أصوات مع الدراسة، بقت أكبر بكثير، وأتمنى التوفيق للجميع.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى