السودان على حافة التقسيم: قوات الدعم السريع توقف الصادرات وسط نفي مصري لتدخل عسكري
كتبت نور يوسف
في ظل تصاعد حدة التوترات في السودان، أقدمت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو على وقف صادرات متجهة إلى مصر من مناطق سيطرتها في دارفور وكردفان. هذه الخطوة جاءت بعد أيام من اتهام دقلو لمصر بالتدخل في الحرب السودانية إلى جانب الجيش.
ومن جانبها نفت وزارة الخارجية المصرية بشدة ادعاءات قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، حول مشاركة الطيران المصري في الصراع الدائر بالسودان. وأكد بيان الوزارة أن هذه المزاعم تأتي في وقت تبذل فيه مصر جهودًا مكثفة لوقف الحرب وحماية المدنيين وتعزيز الإغاثة الإنسانية للمتضررين. ودعت الخارجية المجتمع الدولي إلى التحقق من الأدلة حول تلك الاتهامات، مجددة التزامها بدعم استقرار ووحدة السودان وتقديم المساعدة للأشقاء لمواجهة تداعيات الحرب.
وفيما يتعلق بوقف الصادرات فقد أعلنت وزارة التموين المصرية أن الدولة استوردت كميات كبيرة من اللحوم من جيبوتي والصومال، بجانب السودان، لتلبية احتياجات السوق المصري، حيث يوجد حالياً ٢٠ ألف رأس من اللحوم المستوردة. كما أكدت استمرار الاستيراد دون عقبات لوجيستية. وأضافت الوزارة أن مصر تساهم في تحقيق الأمن الغذائي للسودان، بتوريد كميات كبيرة من السلع الأساسية مثل الأرز والسكر والدقيق والزيوت، رغم التحديات الاقتصادية الأخيرة.
ورغم أن هذه الإجراءات تعكس تصعيدًا ضد مصر، إلا أنها تحمل دلالات أكبر على أن السودان يتجه نحو التقسيم، حيث رفض الجيش والحكومة السودانية هذا التحرك واعتبروه محاولة لفرض “سلطة الأمر الواقع”، وهو ما يعزز المخاوف من تقسيم البلاد على غرار ما حدث في دول أخرى مجاورة.
منذ اندلاع الحرب في أبريل ٢٠٢٣، تسيطر قوات الدعم السريع على مناطق واسعة في دارفور وكردفان بالإضافة إلى العاصمة الخرطوم وأجزاء من الجزيرة وسنار. ورغم تأكيد دقلو على وحدة السودان في خطابه الأخير، إلا أن تصرفات قواته على الأرض توحي بخلاف ذلك، حيث أشار مراقبون إلى أن دعمته ربما تسعى لإنشاء حكم ذاتي في تلك المناطق.
في خطوة أخرى تعزز هذه المخاوف، صرّح الباشا طبيق، مستشار دقلو، بأن تشكيل حكومة في مناطق سيطرة الدعم السريع بات “ضرورة قصوى”، داعيًا المجتمع الدولي للاعتراف بها. وسبق لقوات الدعم السريع أن شكلت إدارات مدنية في المناطق الخاضعة لها، مثل دارفور والجزيرة، لتقديم الخدمات وحماية المدنيين بالتنسيق معها.
وفي سابقة مثيرة، أفادت تقارير إعلامية سودانية بأن طائرة أجنبية هبطت في مطار نيالا، جنوب دارفور، وأفرغت أسلحة قبل مغادرتها، مما يعزز من قوة الدعم السريع في تلك المنطقة. ويرى خبراء أن السودان بات فعليًا مقسمًا على الأرض بين مناطق تحت سيطرة الجيش وأخرى تحت نفوذ الدعم السريع.
حاليًا، تدور معارك عنيفة بين الجيش والدعم السريع في مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور. ويرى مدير المرصد السوداني للشفافية والسياسات، سليمان بلدو، أن الدعم السريع يسعى للسيطرة الكاملة على الإقليم نظرًا لموقعه الاستراتيجي، خاصة مع الحدود المشتركة مع دول مثل تشاد وليبيا، مما يتيح للدعم السريع التحكم في التجارة الخارجية وتنظيم عمليات الاستيراد والتصدير، كما هو الحال مع الوقود القادم من ليبيا إلى دارفور.
مع استمرار هذه التطورات، لا يقتصر النفوذ على الجيش والدعم السريع فقط، إذ تسيطر الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو على أجزاء كبيرة من جنوب كردفان. وعلى الرغم من حيادها النسبي في الحرب، إلا أن الحركة تمددت وزادت من نفوذها في الفترة الأخيرة.
بينما يعبر بعض المحللين، مثل عبد المنعم أبو إدريس، عن قلقهم من احتمالية تقسيم السودان إلى دويلات، يرى آخرون، مثل خالد التجاني، أن هذا السيناريو غير مرجح. يشير التجاني إلى تعقيدات جيوسياسية تمنع تقسيم البلاد، مؤكدًا أن الوضع في دارفور مختلف تمامًا عن تجربة جنوب السودان، الذي انفصل في ٢٠١١ نتيجة اختلافات ثقافية ودينية واضحة، وهو ما لا ينطبق على دارفور.
مع دخول الحرب عامها الثاني دون بوادر للحل، تتزايد المخاوف من تكرار سيناريو انفصال جنوب السودان في مناطق أخرى من البلاد.