
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في صباحٍ شتوي من يناير 1999، اختفت ها مين لي، فتاة كورية جنوبية جميلة، عمرها 18 عامًا، كانت تدرس في مدرسة وودلون الثانوية بولاية ميريلاند. لم تكن مجرد طالبة مجتهدة ولا لاعبة لاكروس موهوبة، بل كانت أيضًا فتاةً محبوبة من الجميع. لكنّ ما لا يعرفه الكثيرون أن قلبها كان معلقًا بعدنان سعيد، شاب مسلم طموح يكبرها بشهور، وكان حبّهما سريًّا بسبب رفض العائلة.
في ذلك اليوم، خرجت ها من المدرسة، ولم تصل إلى ركن القيادة حيث كانت تركن سيارتها دومًا. بعد غيابها بأيام، بدأ القلق يتصاعد، وأطلقت عائلتها نداءات استغاثة، لكن كل شيء بقي غامضًا… حتى جاء اليوم الذي عُثر فيه على جثتها مدفونة في حديقة لينكن بارك، مغطاة جزئيًا بالأوراق والطين. الفتاة كانت قد تعرّضت للخنق.
الشرطة التفتت بسرعة إلى عدنان، رغم عدم وجود أي سجل جنائي له. أصدقاؤه قالوا إنه كان محطمًا بعد انفصاله عن ها، لكن صديقه جاي وايلدز هو من غيّر مجرى القضية. قال جاي إن عدنان اعترف له بالجريمة، بل وأخذه ليريه أين دفن الجثة. شهادته – رغم تضاربها في كل استجواب – أصبحت عماد القضية.
في المحكمة، لم تكن هناك بصمات، لا حمض نووي، لا شهود عيان. فقط شهادة جاي، وبعض سجلات مكالمات هاتفية غير دقيقة. لكن هيئة المحلفين صدّقت القصة، وحُكم على عدنان بالسجن المؤبد.
بعد سنوات، بدأت الصحفية سارة كونينغ التحقيق في القصة عبر بودكاست “سيريال”، لتكشف فجوات ضخمة في القضية، أبرزها أن الشاهد الوحيد كذّب نفسه مرارًا، وأن هناك شاهدة اسمها آسيا كانت تؤكد وجود عدنان في المكتبة وقت اختفاء ها، ولم تُستدعَ يومًا.
في 2022، أُطلق سراح عدنان بعد أكثر من 20 سنة خلف القضبان. لم تثبت براءته رسميًّا بعد، ولم يُحدد الجاني الحقيقي، لكن القصة تحولت من جريمة قتل… إلى جريمة عدالة ضائعة.