
كتبت / رنيم علاء نور الدين
كانت الزغاريد تملأ المكان، الأنوار تتراقص، والكل يبتسم كأنهم يعيشون ليلة من حلم.
في حديقة صغيرة بمنطقة المرج، توافد الأهل والأقارب على حفل خطوبة “أدهم” و”آية”، شاب في أوائل الثلاثينات، يعمل محاسبًا، وفتاة في العشرين من عمرها، يقال إنها كانت تحبه منذ الجامعة.
كل شيء كان يسير كما خُطط له… حتى الساعة التاسعة مساءً، عندما دخل شخص غريب المكان، يرتدي قميصًا أسود ونظراته ثابتة على العريس.
اقترب دون أن ينتبه أحد، ووقف على مسافة قصيرة من المنصة.
في لحظة انطفأت فيها الموسيقى قليلًا، دوّى صوت الطلقة في الهواء، فسقط أدهم أرضًا… أمام الجميع.
هرج ومرج، صرخات، بكاء، انهيار آية، وخوف الأطفال الذين جاؤوا ليرقصوا لا ليشهدوا مشهدًا داميًا كهذا.
الشهود قالوا إن القاتل لم يهرب فورًا، بل وقف لحظة، وكأنه كان يستمتع بالمشهد، ثم هرب مسرعًا.
الناس ظنوا في البداية أنه أحد اللصوص أو معتوه فقد عقله… لكن الحقيقة كانت أفظع.
بعد ساعات، وفي كمين أمني بمنطقة الخصوص، تم القبض على القاتل.
شاب يُدعى “مروان”، يعمل مع أدهم في نفس المكتب منذ عامين، وكان صديقه المقرب.
في التحقيقات، انهار مروان واعترف أنه أحب “آية” سرًا منذ الجامعة، لكنه لم يجرؤ يومًا على مصارحتها، وحين علم أنها ارتبطت بأدهم، لم يستطع السيطرة على غيرته، فقرر أن يُنهي كل شيء بطريقته.
قال في اعترافه:
“أنا اللي عرفه قبله… أنا اللي كنت جمبها في كل حاجة… ليه هو اللي خدها؟”
وأضاف:
“مكنتش ناوي أقتله… بس لما شوفته بيرقص معاها، حسيت إني مش موجود أصلاً”.
تم توجيه تهمة القتل العمد له، وقررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، وسط انهيار أسرة العريس التي لم تتخيل أن نهاية الحفل ستكون بمغادرة ابنهم إلى القبر بدلًا من بيت الزوجية.
وفي الزاوية… جلست آية، بفستانها الروز، عيناها غارقتان في الذهول، تردد بصوت مرتجف:
“كان لسه ماسك إيدي من دقايق… كان لسه بيضحك.”
ويتركنا هذا المشهد الصادم أمام سؤال صعب:
هل الغيرة القاتلة تبرر أن ندفن من نحب… لمجرد أنهم لم يختارونا؟