
كتبت/ فاطمة محمد
رحل عن عالمنا صباح اليوم الأربعاء 30 يوليو الفنان القدير لطفي لبيب، أحد أبرز رموز الدراما والسينما المصرية، بعد صراع مع المرض دخل على إثره العناية المركزة
برحيله، يفقد الوسط الفني وجمهور الشاشة وجهاً مألوفًا جمع بين البساطة والصدق، وترك بصمة لا تُنسى على مدى عقود من العطاء.
استطاع لطفي لبيب أن يحجز لنفسه مكانة مميزة في قلوب المشاهدين، حيث تنقل بخفة بين الأدوار الكوميدية والدرامية، وكان دائمًا سندًا لجيل الشباب في السينما منذ مطلع الألفينات
بصوته المميز وتعابيره الطبيعية، أصبح جزءًا من ذاكرة المشاهد المصري والعربي، لا يعتمد على الاستعراض بل على صدق الأداء وعمق الإحساس.
وُلد لطفي حسني لبيب في 18 أغسطس 1947 بمحافظة بني سويف، ونشأ في بيت بسيط بعيد عن الأضواء. بدأ عشقه للتمثيل في سن مبكرة، حين ترأس فريق المسرح في مدرسته الإعدادية
التحق بكلية الزراعة في جامعة أسيوط لكنه لم يوفق فيها، لينتقل إلى جامعة الإسكندرية حيث حصل على ليسانس الفلسفة، بالتوازي مع تأدية خدمته العسكرية.
لاحقًا، قرر أن يسلك طريق الفن، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج عام 1970 ضمن دفعة ضمّت كبار الفنانين مثل محمد صبحي وهادي الجيار.
بعد تخرجه، انضم لطفي لبيب إلى صفوف الجيش المصري لمدة ست سنوات، شارك خلالها في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 ضمن الكتيبة 26 التي خاضت المعركة عبر قناة السويس
هذه التجربة العميقة دفعته لاحقًا لتوثيقها في كتابه المعروف “الكتيبة 26″، والذي تناول فيه يوميات الجندي المصري في زمن الحرب.
دخل عالم الفن عام 1981 من بوابة المسرح، وكانت أولى مشاركاته في مسرحية “المغنية الصلعاء”، ثم “الرهائن” مع رغدة. أما ظهوره السينمائي الأول فكان في فيلم “الجلسة سرية”، لكن انطلاقته الحقيقية جاءت من خلال فيلم “الكلام في الممنوع”.
خلال مسيرته، قدم لطفي لبيب أكثر من 380 عملًا فنيًا بين السينما والتلفزيون والمسرح، منها أكثر من 150 فيلمًا، من أبرزها: عسل أسود، السفارة في العمارة، بدل فاقد، إكس لارج، يا أنا يا خالتي وغيرها.
من المواقف اللافتة التي عُرفت عن لطفي لبيب، رفضه تكريمًا من السفارة الإسرائيلية بعد تألقه في فيلم “السفارة في العمارة”، رغم كونه أحد أبطال حرب أكتوبر
وفي فيلم “عسل أسود”، وافق على أداء دور زميله الفنان محمد شرف بعد تدهور حالته الصحية، مشترطًا أن يحصل شرف على كامل أجره، احترامًا له.
في السنوات الأخيرة، ابتعد لطفي لبيب عن الساحة الفنية بسبب أصابته “بتورم في الحنجرة” أدى لإصابته بشلل نصفي لاحقًا، لكنه ظل حاضرًا في قلوب محبيه وأحاديث الوسط الفني، حتى وافته المنية صباح اليوم عن عمر ناهز 77 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا وإنسانيًا يخلّده الزمن.
رحل الجسد، لكن بقيت الموهبة والروح والابتسامة الصافية في ذاكرة كل من أحب لطفي لبيب، الفنان الذي اختار الصدق طريقًا، والاحترام سلوكًا، والبساطة عنوانًا