الحاجه فرحانه… أسطورة النضال السيناوي التي خلدت اسمها في تاريخ مصر
كتبت / نور يوسف
في أعماق التاريخ السيناوي، تتألق قصة الحاجة فرحانة حسين سالم سلامة، الشهيرة بأم داود، التي تجسدت في مسيرة نضال امتدت لعقود. ابنة الشيخ زويد التي تخطت المئة عام، سطرت بفخر ملامح من الكفاح الوطني، وأصبحت رمزًا خالدًا لخدمة الوطن من قلب الصعاب.
احتفاءً بجهودها، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء حي في سيناء ومحور في القاهرة يحملان اسم “الحاجة فرحانة”، تقديرًا لمساهماتها الجليلة. جاء ذلك خلال كلمة الرئيس في احتفالية اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية باستاد العاصمة الإدارية الجديدة، والتي تخللتها عروض لأبطال مصريين مثلها.
حكاية “أم داود” بدأت في أعقاب نكسة عام ١٩٦٧، حينما هجرت مع عائلتها من سيناء إلى سمالوط، ثم إلى مديرية التحرير. لكنها لم تستسلم للظروف القاسية، بل اختارت أن تكون جزءًا من المقاومة، حيث طلبت الانضمام للمخابرات المصرية. وبتغطية عملها في تجارة الأقمشة، كانت تنقل معلومات سرية عن تحركات العدو، دون أن تملك مهارات القراءة أو الكتابة، معتمدة على ذاكرتها وحفظ الرموز التي تنقلها بذكاء لضباط المخابرات.
في إحدى المرات، أوقفتها نقطة تفتيش مصرية بعد إخفائها لخريطة مطار الجورة داخل ثوبها. وأشاد الضابط المصري ببطولتها ومنحها وجبة تقديرًا لجرأتها. كما عرفت أم داود بإرسال رسائل مشفرة عبر الراديو، لإعلام المجاهدين في سيناء بنجاح مهماتها.
واستمرت في مسيرة النضال حتى عندما قبضت عليها المخابرات الإسرائيلية، تظاهرت بالتعاون معهم لتعود بنجاح إلى المخابرات المصرية بتفاصيل خططهم. بعد تحرير سيناء في الثمانينات، عادت إلى أرضها التي قاتلت من أجلها.
في لفتة إنسانية، تبرعت بخاتمها الذهبي الوحيد لبناء مستشفى حياة للأورام بسيناء، مؤثرةً الجميع بتواضعها وشجاعتها. ونتيجة لهذه التضحيات، حظيت بتكريمات من الرئيس السيسي عام ٢٠٢١، ومن المجلس القومي للمرأة، ومؤسسة حياة للتنمية.
أصبحت قصتها مصدر إلهام للعديد من أبناء سيناء والإعلاميين الذين يقصدونها للتعلم من حكمتها، ويمتد تكريمها ليصل إلى الأفلام التسجيلية التي توثق مسيرة كفاحها.