أدب وثقافة
أخر الأخبار

الشاعر اسامة شريف يكتب: شعر العامية المصري من النشأة إلى الحاضر   

                   

يُعد شعر العامية المصري أحد أبرز أشكال الإبداع الشعبي والحديث في الثقافة العربية، وقد نشأ من رحم الحياة اليومية، ليعبر عن هموم الناس، أحلامهم، وقضاياهم بلغة قريبة من القلب. اعتمد على اللهجة المصرية التي امتزجت فيها الفصحى بالعامية، مما منحه قدرة فريدة على الوصول إلى أوسع شريحة من الجمهور.

النشأة والجذور

يمكن تتبع جذور شعر العامية المصري إلى الأزجال والمواويل التي انتشرت في مصر منذ القرون الوسطى، خاصة في الأرياف والنجوع. هذه الأشكال الشعرية الشعبية كانت تُنشد في الأفراح، الحصاد، والأسواق، وارتبطت بالموسيقى والغناء.

في القرن التاسع عشر، بدأ الشعراء يكتبون بالعامية بشكل واعٍ، متأثرين بالنهضة الثقافية، ومن أبرز رواد تلك المرحلة بيرم التونسي، الذي جمع بين النقد الاجتماعي والسخرية السياسية في قالب شعري غنائي قريب من الناس.

مرحلة التأسيس والانتشار

في النصف الأول من القرن العشرين، تطور شعر العامية على يد شعراء كبار مثل صلاح جاهين الذي أدخل البعد الفلسفي والرمزي في أشعاره، وصاغ رباعياته التي صارت جزءًا من التراث. كما برز فؤاد حداد الذي مزج بين الحس الوطني والإيقاع الشعبي، فكان صوتًا شعبيًا مؤثرًا خلال ثورة يوليو وما بعدها.

هذه المرحلة شهدت أيضًا ارتباط العامية بالمسرح الغنائي والأغنية، حيث أسهمت أعمال بديع خيري مع سيد درويش في ترسيخ العامية كأداة للتعبير الفني الراقي، بعيدًا عن الابتذال.

التحولات الحديثة

ابتداءً من السبعينيات، ومع تغير الواقع السياسي والاجتماعي، ظهر جيل جديد من شعراء العامية مثل عبد الرحمن الأبنودي وأحمد فؤاد نجم، الذين أعادوا للعامية قوتها الثورية. الأبنودي جمع التراث الصعيدي في قصائده، بينما كان نجم صوت الفقراء والمهمشين، خاصة في ثنائيته الشهيرة مع الشيخ إمام.

شعر العامية اليوم

في العقود الأخيرة، شهد شعر العامية تنوعًا ملحوظًا. ظهر شعراء جدد مثل هشام الجخ وتميم البرغوثي (رغم فلسطينيته، لكنه كتب بالعامية المصرية)، الذين قدّموا العامية في قوالب تناسب الأمسيات الشعرية الحديثة والجمهور الشبابي.

كما استفاد شعر العامية من وسائل التواصل الاجتماعي، حيث صار بإمكان أي شاعر أن ينشر نصوصه على نطاق واسع دون قيود النشر الورقي.

أهمية شعر العامية

ما يميز شعر العامية المصري هو قدرته على الجمع بين البساطة والعمق، فهو قادر على التعبير عن الحب، الحزن، الثورة، وحتى الفلسفة، بلغة يفهمها الجميع. ظل هذا الشعر مرآة للمجتمع المصري، يعكس تحولاته وأزماته وأفراحه، ومن المتوقع أن يستمر في التطور والتجدد مع الأجيال القادمة.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى