
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في مساء خريفي هادئ، بدا كل شيء طبيعيًا في حيّ هادئ من ضواحي طنطا. السكان لم يلاحظوا شيئًا غريبًا في بيت الزوجين “نسرين” و”هشام”، إلا أن البيت بدا أكثر صمتًا من المعتاد. نسرين، ربة منزل في الثلاثين من عمرها، اختفت فجأة، دون وداع أو أثر. زوجها هشام، الموظف في إحدى شركات الشحن، قال إنها سافرت لزيارة أهلها، وأغلق الأبواب.
مرت أيام. ثم أسابيع.
بدأت الشكوك تحاصر الجيران. ملابس نسرين لا تزال تُرى منشورة من حين لآخر، كأنها موجودة. صوت التلفاز ليلاً. مصابيح تُشعل وتُطفأ. لكن دون ظهور لها. عائلتها في الشرقية أكدت أنها لم تصل إليهم. وهشام بدا هادئًا أكثر من اللازم.
الجريمة بدأت تتكشف صدفتها العجيبة، حين لاحظ أحد الأطفال الذين يلعبون بجوار البيت، أن هناك رائحة غريبة تتصاعد من وراء السور الخلفي للمنزل. الرائحة كانت قوية بما يكفي لإثارة الشكوك. بلّغ أحد الجيران الشرطة، التي حضرت على الفور وبدأت الحفر خلف السور.
وبالفعل.. كان هناك جسد.
جسد نسرين مدفونًا في حفرة ضيقة، ومغطى بالرمل وأكياس بلاستيكية، وعليه آثار ضرب على الرأس والرقبة. هشام أنكر، ثم انهار. اعترف بكل شيء.
قال إنه تشاجر معها في إحدى الليالي، تشاجرًا لم يكن الأول، لكنها هذه المرة صرخت بصوتٍ عالٍ وهددته بالرحيل. قال إنها استفزته، وإنه فقد أعصابه. ضربها، ثم لمّا سقطت، لم يحاول إسعافها. جلس بجوارها ساعتين، يفكر في ماذا سيفعل. ثم حملها تحت جنح الظلام، ودفنها خلف السور.
ثلاثة أسابيع مرّت، قبل أن ينكشف السر.. وتتحول قصة حب إلى مدفن.
فهل كان القاتل يخطط لذلك يومًا؟ أم أن القاتل كان نائمًا فيه، واستيقظ فجأة؟