حرب السابع من أكتوبر جرائم حرب وإبادة جماعية ترتكب ضد غزة

كتبت سفيرة الإعلام والباحثة في الشؤون الفلسطينية د.أحلام ابو السعود عن حرب الإبادة الجماعية
شهدت غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 واحدة من أعنف الحروب في تاريخ الإنسانية حيث أطلقت قوات الإحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة النطاق استهدفت المدنيين والبنية التحتية والفوقية بشكل منهجي حيث الحرب المستمرة التي تأتي في سياق تصعيد غير مسبوق بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، مما خلف أزمات إنسانية وكوارث بشرية لم يشهدها التاريخ و ارتقت إلى جرائم حرب وإبادة جماعية.
اندلعت الحرب إثر تصعيد من جانب الإحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى، والشيخ جراح، واستمرار الحصار الخانق على قطاع غزة لأكثر من 17 عامًا. تزايدت التوترات مع استمرار الإعتداءات اليومية على الفلسطينيين في القدس، والضفة الغربية، مما دفع المقاومة الفلسطينية للرد بهجمات مكثفة ثأراً للمقدسات . رد الإحتلال الإسرائيلي بحرب شاملة تسببت في دمار واسع النطاق، ومازالت الحرب مستمرة منذ أكثر من سنة، وشهرين استخدمت إسرائيل خلالها أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا حيث استخدمت الفوسفور الأبيض، والقنابل الأمريكية التي تزن ألفي رطل، وهدمت البيوت والأبراج السكنية فوق رؤوس ساكنيها، وقام الجنود باغتصاب النساء الفلسطينيات، وأسر الرجال، وتعريتهم بصورة مهينة، وتعذيبهم، وأخذهم إلى مناطق مجهولة، وإعدامهم، ودفنهم في مقابر جماعية، وفي مكبات النفايات لإخفاء معالم الجريمة، وهذه الأعمال تنافي القيم، والمواثيق الدولية، وحقوق الإنسان. كما اتبعت الحكومة الإسرائيلية سياسة، التجويع، ومنع المواد الغذائية من الدخول إلى غزة، وإغلاق المعابر، ومنع الدواء، وهدم المستشفيات، واعتقال، وإعدام المرضى، والمرافقين، والأطباء، كما منعت الماء بتدميرها لآبار المياه، وتدمير شركات الوقود، والكهرباء، وقامت باغتيال رجال الإسعاف، واستهداف سياراتهم، واغتيال رجال الإطفاء، والدفاع المدني، وتدمير عرباتهم، واعتقالهم، ومنعهم من أداء مهامهم.
تشير التقارير إلى استشهاد أكثر من 45,000 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، وأغلبهم من الأطفال والشيوخ، والنساء، ومازال أكثر من 15000 شهيدا تحت أنقاض البيوت المهدمة لم تستطع قوات الدفاع المدني انتشالهم لعدم توفر الآلات، والأدوات الحديثة لرفع الأنقاض عنهم، وبسبب استمرار الضربات الجوية المتواصلة التي تعيق عمل فرق الإنقاذ.
بلغ عدد المصابين أكثر من 100,000 شخص، يعاني الآلاف منهم من إعاقات دائمة بسبب غياب الرعاية الطبية الكافية، ونقص الإمكانيات في المستشفيات.
كما تم اعتقال أكثر من 8000 فلسطيني في غزة والضفة الغربية، بينهم نساء وأطفال، وسط تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان .
أُبيدت مئات الأحياء السكنية بالكامل، وتم تدمير أكثر من 70% من مباني غزة حيث سويت بالأرض ، مما أدى إلى نزوح ما يزيد عن 1.5 مليون شخص من شمال، وجنوب، ووسط القطاع، وتم تقسيم قطاع غزة إلى أربعة محاور هي أسديروت، ونتساريم، وكيسوفيم، ومحور فيلادلفيا، وتم تدمير معبر رفح، وهو المنفذ البري الوحيد لأهل قطاع غزة على مصر، ويعتبر شريان الحياة للغزيين، وتم احتلاله والعبث بمحتوياته.
كما توقفت العملية التعليمية تمامًا بعد استهداف أكثر من 200 مدرسة، وتدمير الجامعات والمعاهد، واغتيال عمداء الجامعات والبروفسورات،والعلماء والباحثين والفقهاء. مما أدى إلى انهيار نظام التعليم في القطاع، وحرمان الطلاب من الذهاب إلى مدارسهم، وجامعاتهم للسنة الثانية على التوالي .
وتم تدمير أكثر من 250 مسجدًا إثر تعرضها للقصف المباشر ، بعضها تاريخي مثل المسجد العمري الكبير بغزة وهو يعتبر من أكبر ثلاثة مساجد وأعرقها في فلسطين بعد المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي ، كما تم تدمير العديد من المستشفيات، والمراكز الصحية، مما جعل النظام الصحي في حالة انهيار كامل .
كما دمرت الآثار التاريخية وجرفت الأراضي الزراعية وقصفت المصانع والشركات والمراكز الثقافية والسياحية .
إن غزة تعاني الآن من أزمة إنسانية خانقة بسبب تدمير 80% من آبار المياه، ومحطات التحلية، إضافة إلى استهداف محطات الوقود والكهرباء، ما أدى إلى انقطاع شامل في الخدمات الأساسية منذ بداية الحرب .
إن هذه الحرب أدت إلى نزوح وتشريد أكثر من نصف سكان قطاع غزة من منازلهم حيث لجأ معظمهم إلى المدارس وخاصة مدارس الأونروا التي لم تسلم بدورها من الاستهدافات المتتالية التي دمرت المدارس فوق رؤوس من فيها وجعلت الناس بلا مأوى فلا يوجد مكان آمن في غزة.
وتم استهداف عشرات المؤسسات الخيرية والإغاثية، مما زاد من معاناة السكان في ظل الحصار المتواصل، وكان آخرها استهداف سيارة للمطبخ العالمي للمرة الثانية منذ بداية الحرب وأدى إلى مقتل ثلاثة من العاملين بها بالإضافة إلى الخمسة الذين استهدفتهم إسرائيل قبل ذلك مما أدى إلى توقف عمل المطبخ احتجاجا على الممارسات الإسرائيلية وأثر ذلك سلبا على المواطنين الفلسطينيين الذين يعتمدون في غذائهم على هذه المؤسسة.
وفرض الإحتلال قيودًا شديدة على عمل الأونروا، وحظر عملها، مما عرقل جهود إيصال المساعدات الغذائية، والطبية للنازحين، وأدى إلى تفشي المجاعة بسبب نفاذ الدقيق، وعدم استطاعة المواطن الفلسطيني الحصول على رغيف الخبز. كماتفشت الأمراض بسبب قلة الأدوية،مع انعدام الخدمات الصحية، وقلة المياه، وانعدام شبكات الصرف الصحي، ومنع دخول مواد التنظيف.
كما نفذت إسرائيل سلسلة من الإغتيالات استهدفت قيادات بارزة في المقاومة الفلسطينية بما في ذلك قادة سياسيون مثل رئيس المكتب السياسي لحركه حماس الشيخ إسماعيل هنية ، وصلاح العاروري وقادة عسكريون مثل يحيى السنوار، ومحمد الضيف، وغيرهم من قادة المقاومة.
كل هذه الجرائم والمذابح التي ترتقي لجرائم حرب في ظل صمت، وتخاذل عربي، ودولي.
واجهت الحرب انتقادات واسعة من بعض الدول، والمنظمات الحقوقية، لكن المجتمع الدولي فشل فشلا ذريعا في اتخاذ إجراءات فعالة لوقف العدوان. واقتصرت الجهود على إرسال مساعدات إنسانية رمزية، بينما استمر الإحتلال في عملياته دون عقاب بسبب تجاهل إسرائيل المتعمد لقرارات محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، ومجلس الأمن، واستمرارها في تنفيذ عمليات الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس بايدن، وألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإيطاليا.
شهدت بعض الدول العربية، والإسلامية احتجاجات، ودعوات لدعم الشعب الفلسطيني على استحياء، ولكن تأثير هذه الجهود ظل محدودا على أرض الواقع، بينما قامت الجامعات الأمريكية بمظاهرات عمت الولايات المتحدة وامتدت المظاهرات إلى بعض الدول الأوروبية دون جدوى لأن إسرائيل ماضية في تحقيق أهدافها في إبادة غزة وأهلها.
إن حرب الإبادة الجماعية ضد غزة التي بدأت في أكتوبر 2023، وما زالت مستمرة حتى يومنا هذا الأول من ديسمبر 2024، تظهر حجم التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني في ظل الإحتلال الإسرائيلي.
والدمار الهائل، والخسائر البشريه الكبيرة تستدعي تحركا دوليا عاجلا لإنهاء العدوان، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وضمان حق الشعب الفلسطيني في الحرية، والاستقلال،وتقرير المصير، وبناء الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف، والانسحاب الإسرائيلي لحدود الخامس من حزيران عام 1967،وتفكيك المستوطنات، وسحب السلاح من المستوطنين اليهود، ليعم السلام، والأمن، والأمان على أرض السلام التي لم تشهد يوما سلام.
سفيرة الإعلام د. أحلام أبو السعود
عضو الإدارة بكوشان بلدي
غزة /فلسطين