مقالات

بين حرب الإبادة وصمت العرب: أين الموقف وأين الفعل؟

 

بقلم: سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية 

د. أحلام أبو السعود 

تصعيد إسرائيلي دموي وسط تخاذل عربي

منذ 18 مارس 2025، دخلت غزة في مرحلة جديدة من التصعيد العسكري الإسرائيلي، في مشهد بات يتكرر مع كل محاولة تهدئة أو مفاوضات تفشل قبل أن تبدأ. أكثر من 500 شهيد، ومئات الجرحى، ودمار واسع، في وقت ما زالت فيه إسرائيل تعيد احتلال المحاور الاستراتيجية في القطاع، غير مكترثة بأية اتفاقيات أو تعهدات سابقة.

إن عودة بنيامين نتنياهو إلى إستراتيجية “التفاوض تحت النار” ليست إلا تأكيدًا على أن الحلول السلمية في قاموس الاحتلال مجرد أوراق للاستهلاك الإعلامي، يتم تمزيقها فور انتهاء فائدتها السياسية. وها هو يفتح الباب أمام إيتمار بن غفير، المتطرف الذي لطالما نادى بسحق غزة، ليعود إلى المشهد كوزير للأمن القومي، في خطوة لا يمكن تفسيرها إلا بأنها تعزيز للموقف اليميني المتشدد، ودليل آخر على أن الحكومة الإسرائيلية تعتمد التصعيد كأداة للاستمرار في الحكم.

العرب.. بين الإدانات الفارغة والتخاذل المستمر

وبينما تتساقط الصواريخ على غزة، وترتفع أعداد الشهداء، لم تجد العواصم العربية سوى إصدار بيانات “الشجب والإدانة”، وكأن هذه العبارات ستوقف الطائرات الحربية أو تحمي الأطفال من نيران القصف العشوائي.

لم يعد سلوك الأنظمة العربية مفاجئًا، فقد اعتادت الشعوب على سماع العبارات المتكررة عن “القلق العميق”، و”ضرورة ضبط النفس”، و”المطالبة بالاحتكام للقانون الدولي”، في وقت يعلم فيه الجميع أن إسرائيل لا تعترف بقانون دولي، ولا تقيم وزنًا للمنظمات الأممية.

عندما يصبح الاحتلال سيد الموقف

إسرائيل، التي لا يتجاوز عدد سكانها ثمانية ملايين، تفرض إرادتها على 241 مليون عربي، وتعيد تشكيل المنطقة وفق مصالحها، في ظل غياب مشروع عربي موحد قادر على الرد.

لم يعد مقبولًا أن تستمر هذه المعادلة المختلة، حيث يملك العرب الجيوش والموارد ولكنهم عاجزون عن تغيير الواقع أو حتى فرض كلمتهم في الساحة الدولية.

إن الاحتلال لا يخشى الإدانات، ولا يأبه للاجتماعات، فهو يعلم جيدًا أن النظام العربي منشغل في خلافاته الداخلية، وأن الشعوب مغلولة اليد في ظل أنظمة تضع الاستقرار فوق كل اعتبار، حتى لو كان الثمن هو استمرار النزيف الفلسطيني لعقود أخرى.

ما العمل؟

السؤال الذي يطرحه كل حر اليوم: ما الحل؟ كيف يمكن كسر هذه الدائرة المغلقة من العجز والتخاذل؟

الجواب يبدأ بإدراك أن ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية عابرة، بل معركة وجودية تمس العرب جميعًا. المطلوب ليس فقط دعمًا سياسيًا أو اقتصاديًا، بل استراتيجية حقيقية للمواجهة، تعيد التوازن في الصراع، وتجعل الاحتلال يدرك أن العدوان لن يكون بلا ثمن.

إن ما تفعله إسرائيل اليوم هو اختبار جديد لقدرة الأمة العربية على استعادة دورها التاريخي، فإما أن يكون الرد بمستوى الحدث، وإما أن يبقى العرب في موقع المتفرج، يراقبون احتراق القدس وغزة كما لو كان المشهد مجرد خبر عابر في نشرات الأخبار.

الأمر لم يعد يحتمل مزيدًا من البيانات الفارغة، بل يتطلب قرارات حاسمة، وإرادة سياسية صلبة، تدرك أن القضية الفلسطينية هي جوهر الصراع في المنطقة، وأنه لا سلام ولا استقرار طالما بقي الاحتلال جاثمًا على أرض فلسطين.

الإعلامية /أحلام ابو السعود /غزة /فلسكين

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى