حوارات صحفية

علاء مرسي لـ ” المصور” : أحلام الشباب تُقتل.. واليأس والاختيارات الخاطئة أخطر من الفساد

حوار أحمد سالم 

بين عبق الماضي ووهج الحاضر، يقف الفنان علاء مرسي كأحد أعمدة الدراما والسينما العربية التي لا تتزعزع برباطة جأش الفنان الحقيقي، وحضور الممثل المحنك، استطاع أن يخطّ مسيرته الفنية بحروف من ذهب، ليصبح أيقونة للأداء العميق والموهبة النادرة.

في هذا اللقاء الحصري، نكشف الستار عن جانب من عوالم هذا الفنان الاستثنائي الذي جسّد عبر مسيرته أروع الشخصيات، من شرير أنيق إلى أب مكلوم، من صاحب نكتة إلى رجل المبادئ الصارم بأدائه الذي يجمع بين القوة والشفافية، استحق عن جدارة لقب “سيد المشهد” في أي عمل يشارك فيه.

يتحدث علاء مرسي اليوم عن آخر تجاربه في مسلسل “قهوة المحطة”، وكيف استطاع أن يحوّل شخصية الأب الثكلى إلى لوحة إنسانية تلامس القلوب، كما يشاركنا رؤيته الفنية الثاقبة عن معنى أن تكون ممثلاً حقيقياً في زمن الصورة السريعة، وعن مسؤولية الفنان تجاه جمهوره ومجتمعه.

المسلسل يطرح سؤالًا كبيرًا ما الذي يحطم حلم شاب صعيدي؟ وهل هذا تعليق على مجتمع يقمع أحلام الشباب؟

المسلسل يطرح قضية مهمة جدًا، وهي قضية أحلام الشباب بين تحقيقها وبين اغتيالها، وهذه قضية عظيمة جدًا.

ابنك جاء من الصعيد لتحقيق حلمه في الفن، أنت كأب كنت ترى هذا بطولة أم مغامرة غير محسوبة؟

هي بطولة من الولد وحلمه وحقه، ولكن أنا أرى فيها تهورًا بعدم دراسة أين يذهب، يجب أن يتعلم ويخطط، نحن كأب أو أم لا نعرف، المفروض أن يكون شابًا متعلمًا ويقرأ، أو حتى شابًا جاهلاً وغير متعلم وعنده حلم، المفروض أن يسأل أين يذهب، ألا يختلط بأجواء مريبة ويحذر من نفسه.

في الصعيد، العائلة تكون لديها طريقتها الخاصة في أخذ حقها، هل فكرت في أخذ القانون بيدك؟

طبعًا كانت فكرة أخذ الحق باليد موجودة في الصعيد، ولكن القانون مسيطر الآن، والقانون أهم، وهذه دعوة في المسلسل للجوء إلى القانون لرد الحقوق، وأنا مع فكرة القانون طبعًا.

علاء مرسي معروف بقدرته على إظهار القوة في الصمت، في هذا الدور ما الحركة أو النظرة التي تعتبر مفتاح الشخصية؟

أنا مؤمن جدًا بأن فن التمثيل هو في الأصل علم صامت، علم تعبير جسدي، علم مشاعر تظهر في العين والأداء الحركي، ثم يُعبَر عنها بالكلمات، هذه المدرسة هي الأهم بالنسبة لي.

بعد أن قُتل ابنك، المشهد الذي يظهر فيه موته كان صادمًا للجمهور، أنت كأب كيف قابلت الخبر؟ وهل كانت لديك شكوك من البداية في شخص معين؟

أنا أتحول من مؤدٍ أثناء العمل إلى مشاهد، فطبعًا أتأثر وأنفعل بصدق، وأفصل تمامًا عن أنني أنا الذي فعلت هذا، وأشاهد كواحد من الناس، فأصبح واحدًا منهم، وأتأثر طبعًا، مقتل الابن وفقدانه شيء رهيب ومؤلم جدًا، فأكيد أتأثر به، وأثناء أدائي للشخصية كنت متأثرًا جدًا، والحالة كانت صعبة جدًا.

في المسلسل، الأب دائمًا لديه حدس خاص، هل كنت تعرف أن ابنك مهدد بالخطر قبل أن يُقتل؟

طبعًا كان الحدس موجودًا، بإحساسي بالولد أنه ضاع، وخاصة أن الشخصية فقدت ابنًا من قبل، فطبعًا هذا أكد إحساسها بأنه ضاع، فكان لديها هذا الإحساس، خاصة في القطار وهي ذاهبة عندما تذكرت ابنها.

الموت يجعل الناس تتذكر كل التفاصيل الصغيرة، هل هناك لحظة مع ابنك تتمنى ألا تنساها؟

هناك تفاصيل كثيرة، لكن فقدان الابن شيء غالٍ، التفاصيل تتجمع، والذكريات كلها تظهر، لا تبقى ذكرى واحدة فقط.

هل يمكن اعتبار جريمة القتل هذه نتيجة حتمية لصراع الطبقات والظلم؟

الجريمة هنا ليست ظلم طبقات إطلاقًا، الموضوع كله أحلام تُهدر، والكاتب عبد الرحيم كمال العبقري عبر عنها بشكل رائع ومحدد جدًا، وهي الأحلام التي تُجهض وتُقتل.

في رأيك، ما أكثر شيء في المجتمع المصري يحطم أحلام الشباب، كما حدث لابنك؟ (الفساد، الطبقية، قلة الفرص)

من أكثر الأشياء التي تقتل الأحلام هي اليأس والاختيارات الخاطئة.

ما الكلمة التي تريد أن تقولها للشباب الذين يحاولون تحقيق حلمهم وسط المخاطر؟

أنا أقول للشباب احلموا، واجروا وراء حلمكم بأي طريقة، لا تيأسوا. الخطوات قريبة لكن بينها عراقيل، اصبروا، كل ناجح وحقق أحلامه مرّ بصعوبات، لا يوجد أحد ينجح فجأة. النجاح طريقه شاق، ويحتاج عملًا وصبرًا وأملاً.

في مواقع التواصل، كثيرون قالوا إنهم عاشوا معاناة ابنك، هل هذا يثبت أن المسلسل ضرب على وتر حساس؟

أعتقد أن المسلسل يمكن أن يحل مشكلة بين الأب وابنه، بأن يسمعه جيدًا، وأن الابن يجب أن يستشير أباه أو والدته أو الأقرب إليه أو صديقًا يثق به في كل خطواته. من المهم أخذ رأي الآخرين والاستشارة، وأعتقد على مستوى التواصل الاجتماعي أنهم شاهدوا المسلسل، وكثيرون تأثروا بهذا الموضوع.

قهوة المحطة كانت شاهدًا على الجريمة، هل ترى أن المجتمع كله شاهد على جرائم كثيرة ضد أحلام الناس؟

القهوة اختيارها عظيم جدًا، وهي في موقع مهم يجمع كل فئات الشعب بحكاياتهم وقصصهم، المجتمع كله على القهوة، فالمجتمع كله شاهد.

لو كان هناك مشهد يعبر عن رسالة المسلسل كلها في المحطة، ماذا ستختار؟

كل المشاهد الموجودة تعبر عن الرسائل التي يريد المخرج والكاتب إيصالها للمشاهد.

هل تتوقع أن المسلسل سيحرك أصحاب القرار لمواجهة مشاكل الشباب، أم أن الفن أصبح مجرد مرآة بدون فعل؟

أعتقد أنه يمكن أن يعبر عن هذا، ويجعل أصحاب القرار يتحركون، مثلًا، مسلسل “ولاد الشمس” جعل أصحاب القرار يتحركون ويكرمون الفنانين النجوم الشباب والمخرج والكاتب، فأعتقد أن “قهوة المحطة” يمكن أن تحرك مسؤولين وتجعلهم ينتبهون قليلاً أن هذه مسؤولية، والله سبحانه وتعالى سيسألهم عنها.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى