عرب و عالم

زيارة ماكرون إلى مصر: رسائل سياسية ودلالات استراتيجية في قلب العاصفة

 

بقلم: سفيرة الإعلام العربي

 د. أحلام أبو السعود

في مشهدٍ إقليميٍّ يزداد تعقيدًا يوماً بعد يوم، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر في أبريل 2025 لتؤكد عمق الشراكة السياسية بين القاهرة وباريس، ولتفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات تتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية، ومصير الحرب الدائرة في قطاع غزة، ومدى تأثير هذه الزيارة على قرارات قادة مثل ترامب ونتنياهو.

أهداف الزيارة: ما بين الإنسانية والسياسة

تهدف زيارة ماكرون إلى تحقيق مجموعة من الغايات، في مقدمتها التنسيق الثنائي حول مستجدات الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها الحرب على غزة. ولعل أبرز ما حمله الرئيس الفرنسي في جعبته هو التأكيد على دعم حل الدولتين ورفض أي سيناريوهات تهجير قسري للفلسطينيين، سواء إلى مصر أو إلى أي دولة عربية.

كما تضمنت الزيارة توقيع اتفاقيات اقتصادية وأمنية من شأنها تعميق العلاقات الاستراتيجية، وتوسيع التعاون في مجالات الطاقة والبنية التحتية، في وقت تسعى فيه مصر لتثبيت دورها المحوري في الإقليم.

أهمية الزيارة للقاهرة: تثبيت الموقف وتعزيز السيادة

مصر، التي لطالما حملت على عاتقها القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وجدت في زيارة ماكرون دعمًا معنويًا وسياسيًا لموقفها الرافض لمخططات التهجير. كما أن إعلان باريس إرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة عبر المعابر المصرية، يعكس حجم التنسيق الإنساني والدبلوماسي بين البلدين.

زيارة ماكرون تسهم أيضًا في ترسيخ صورة مصر كفاعل إقليمي مسؤول، قادر على إدارة الأزمات والتوسط لحلول سياسية متوازنة، وهو ما يمنحها ثقلاً إضافياً في مشهد عربي مرتبك.

بين ترامب ونتنياهو: ضغط دبلوماسي أم تأثير حقيقي؟

لا شك أن التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمتعلقة بإعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم، أثارت قلقًا عالميًا. وفي هذا الإطار، حملت زيارة ماكرون رسالة واضحة: “فرنسا لا تدعم أيّ مشاريع تهجير، ولا ترى في التدخل العسكري الإسرائيلي الشامل حلًا دائمًا”.

لكن، وعلى الرغم من هذا الضغط الدبلوماسي الأوروبي، فإن قرارات نتنياهو، المدعومة من لوبيات صهيو،نية داخلية وخارجية، تبدو أكثر ارتباطًا بموازنات إسر، ائيلية داخلية. ومع ذلك، فإن استمرار التنديد الدولي، خاصة من شركاء استراتيجيين مثل فرنسا، قد يُسهم في كبح جماح التصعيد الإسرائيلي ولو مؤقتاً.

مصير الحرب في غزة: ما بين المبادرات والمجازر

على أرض الواقع، لا تزال غزة تنزف. والتصعيد الإسر، ائيلي مستمر والمبادرات السياسية، بما فيها تلك التي تحملها فرنسا، لم تنجح بعد في إيقاف آلة الحرب أو فرض هدنة دائمة. فالرهان الحقيقي ليس على المبادرات فقط، بل على قدرتها في فرض التزام دولي بقرارات مجلس الأمن، وتجريم الحرب ضد المدنيين، وفتح تحقيقات دولية مستقلة في جرائم الحرب.

إن زيارة ماكرون إلى مصر ليست حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل تمثل مفترق طرق دبلوماسي في ظل اشتعال الساحة الفلسطينية. فبينما يحاول بعض القادة تصفية القضية، تؤكد قوى دولية، على رأسها فرنسا، أن حل الدولتين لا يزال خيارًا شرعيًا، وأن القاهرة تظل حجر الزاوية في معادلة السلام في الشرق الأوسط

د. أحلام أبو السعود

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى