السويداء تشتعل: أكثر من 400 قتيل واتهامات بالتطهير العرقي وسط صمت دولي وتدخلات متصاعدة
كتبت/ فاطمة محمد
اندلعت مواجهات عنيفة مجددًا صباح الجمعة في محافظة السويداء جنوبي سوريا، بين مقاتلين دروز وآخرين من البدو، رغم سريان اتفاق لوقف إطلاق النار، بحسب ما أفاد به تلفزيون سوريا.
وأشار التلفزيون إلى أن الاشتباكات تركزت قرب قرية الدور، في وقت شنت فيه قوات بدوية هجمات على مناطق ريفية غرب المحافظة، مما زاد من حدة التوتر والانقسام في المنطقة.
ورغم نفي وزارة الداخلية السورية إرسال تعزيزات، إلا أن متحدثًا باسمها كان قد صرّح في وقت سابق بأن قوات الأمن تتحضّر لإعادة الانتشار داخل مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية، في محاولة لاحتواء التصعيد الدامي.
في خضم هذه الفوضى، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن غارتين إسرائيليتين بطائرات مسيرة مساء الخميس، استهدفتا مقاتلين من البدو وآلية عسكرية تابعة للجيش السوري، وأسفرتا عن مقتل خمسة جنود.
وأفاد المرصد ببدء نزوح المدنيين البدو من المحافظة، بعد تعرضهم لهجمات انتقامية من مسلحين دروز. في المقابل، أعلنت العشائر السورية النفير العام، داعية أبناء القبائل من جميع المحافظات السورية إلى التوجه فورًا إلى السويداء لـ”منع المذبحة والتطهير العرقي”.
وأكد بيان صادر عن مجلس القبائل والعشائر على ضرورة ضبط النفس وعدم الاعتداء إلا دفاعًا عن النفس، مع التمسك بـ”أخلاق الإسلام والعروبة”.
مشهد كارثي: مئات الجثث ونزوح جماعي
قال الطبيب عمر عبيد، نقيب الأطباء في السويداء، إن أكثر من 400 جثة وصلت إلى المستشفى الحكومي منذ صباح الاثنين، بينها نساء وأطفال ومسنون
وأضاف: “البرادات امتلأت والجثث بدأت تنتفخ. المدينة تعيش كارثة حقيقية”.
ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن نحو 600 شخص قُتلوا منذ اندلاع العنف الطائفي في 13 يوليو، بينما نزحت 2000 عائلة على الأقل من مناطق الاشتباك.
وقالت طبيبة من المدينة تُدعى هنادي عبيد (39 عامًا): “ما رأيته كان أشبه بمدينة خرجت من تحت فيضان مدمر”.
فيما اتهمت الحكومة السورية مقاتلين دروزًا بخرق اتفاق وقف إطلاق النار، ووصفهم بيان صادر عن مكتب الرئيس أحمد الشرع بأنهم “جماعات خارجة عن القانون” ارتكبت “جرائم مروعة بحق المدنيين”، حذر البيان من تدخل عسكري إسرائيلي إضافي.
أما وسائل الإعلام الرسمية، فاتهمت مقاتلين موالين للشيخ حكمت الهجري بتنفيذ “تطهير عرقي” ضد عشائر البدو
وفي رد مباشر، دعا الهجري في بيان نُشر الخميس، إلى احترام البدو المسالمين وتجنب الانتقام.
من جانبه، قال الشيخ يوسف الجربوع في تصريحات تلفزيونية إن ما يحدث في السويداء يمثل “محاولة تطهير عرقي خطيرة”
إسرائيل تدخل على خط الإغاثة
في خطوة مفاجئة، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية أنها ستقدم مساعدات إنسانية طارئة للدروز في السويداء، تشمل مواد غذائية وطبية بقيمة 2 مليون شيكل (حوالي 600 ألف دولار أمريكي)، وذلك في أعقاب الهجمات التي وصفتها بـ”الوحشية” على الطائفة الدرزية في سوريا.
مواقف إقليمية ودولية
دعت السعودية، على لسان وزير خارجيتها فيصل بن فرحان خلال مكالمة مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو، إلى وقف الهجمات الإسرائيلية على سوريا واحترام سيادتها
وأكد مندوب المملكة بالأمم المتحدة عبد العزيز الواصل على الموقف نفسه.
فيما تلقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان اتصالًا من الرئيس السوري أحمد الشرع، تناول أهمية منع التدخلات الأجنبية ودعم الاستقرار.
وفي بيان مشترك صدر عن عشر دول عربية إلى جانب تركيا، أكدت الدول دعمها لوحدة وسلامة الأراضي السورية، ودعت لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في السويداء، مع إدانة متكررة للهجمات الإسرائيلية.
