تغيير قواعد اللعبة… مطلب شعبي

بقلم الباحث الإعلامي: الحاج إبراهيم الحسن
على وقع الأحداث الدامية التي تعصف بأهلنا في قطاع غزة الجريح، وبعد مرور أكثر من شهرين على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة حماس وحكومة الاحتلال النازية، برعاية مصرية وقطرية، والذي ينص على وقف العمليات العسكرية والنشاطات القتالية من كلا الطرفين، تمهيدًا للشروع في تنفيذ صفقة تبادل أسرى فلسطينيين مقابل أسرى صهاينة تم أسرهم خلال الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة، لا بد من تسليط الضوء على بعض بنود الاتفاق والثغرات والفخاخ التي زرعتها واستغلتها حكومة الاحتلال الصهيوني برئاسة نتنياهو، والتي تمنحها فرصة العودة لاستئناف القتال متى أرادت.
أبرز بنود الاتفاق:
1. وقف العمليات العسكرية في غزة، وانسحاب الجيش الصهيوني من محاور القتال تمهيدًا لعودة كافة النازحين إلى مخيماتهم ومناطقهم التي أجبروا على النزوح منها وفق قرارات الإخلاء الصادرة عن جيش الاحتلال.
2. إدخال قوافل المساعدات الغذائية والطبية، إضافة إلى السولار اللازم لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في القطاع، والتي تغذي بدورها محطة تحلية المياه والمولدات الكهربائية في المستشفيات.
3. خروج الجرحى للعلاج في الخارج، برفقة عائلاتهم.
4. وقف الاغتيالات لقادة حماس بعد توقيع الاتفاق.
لكن ما خفي أعظم…
ورغم ما يبدو من انفراج نسبي، إلا أن الاتفاق يحمل في طياته العديد من الثغرات والفخاخ التي تستغلها حكومة الاحتلال:
1. الشرعية المزدوجة: الاتفاق تم بين كيان صهيوني يميني متطرف معترف به دوليًا، وبين حركة تُصنَّف على قوائم الإرهاب العالمية، ما يُضعف شرعية الاتفاق في نظر القانون الدولي.
2. وساطة غير محايدة: حماس تتفاوض مع حكومة الاحتلال عبر وسطاء (قطر ومصر)، لكن “الذي يده في الماء ليس كمن يده في النار”، إذ لا يكتوي الوسطاء بنار العدوان.
3. تهميش الشرعية الفلسطينية: رفض حماس إشراك منظمة التحرير الفلسطينية – الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني – في المفاوضات، رغم أنها الجهة المعترف بها دوليًا.
4. إقصاء السلطة الوطنية: عدم السماح للسلطة الوطنية الفلسطينية بالعودة إلى قطاع غزة لإدارته وإعادة إعماره، وفق قرارات القمم العربية والشرعية الدولية.
5. غياب أدوات الضغط: حماس لا تملك زمام المبادرة في المفاوضات، والوسطاء لا يملكون أوراق ضغط حقيقية تُجبر الاحتلال على الالتزام ببنود الاتفاق.
6. تحالفات الوسطاء: الوسطاء يرتبطون بعلاقات ومعاهدات وثيقة مع الاحتلال، ويحرصون على عدم الدخول في أزمة سياسية معه، ما يجعلهم عاجزين عن فرض التزامات حقيقية عليه.
7. تنازلات متكررة: التراجع المستمر لحماس في كل جولة مفاوضات أمام ضغوط الوسطاء، أفقدها جزءًا كبيرًا من هيبتها وموقفها التفاوضي.
8. استعراضات مكشوفة: إقامة استعراضات عسكرية أثناء تسليم الأسرى في ظل الرقابة الأمنية الشديدة من أجهزة الاستخبارات الصهيونية والدولية، أدى إلى انكشاف مواقع قادة حماس، فاستغل الاحتلال الفرصة لتنفيذ سلسلة اغتيالات طالت عددًا من القادة وتدمير مقراتهم ومنازلهم.
لقد وقعت حركة حماس في فخ التبعية السياسية، وأصبحت تخضع لفرض معادلات تضعف موقفها وتجبرها على القبول بالأمر الواقع، بضمانات وهمية لم تحمِها من الخيانة الصهيونية.
ومع ذلك، هناك بصيص أمل…
ربما يكمن في انسحاب حركة حماس من المشهد السياسي والعسكري، وتسليم غزة إلى الشرعية الفلسطينية الممثلة بالسلطة الوطنية، باعتبارها الجهة الوحيدة المكلفة بالحفاظ على حقوق ومكتسبات الشعب الفلسطيني، والرد بقوة على حكومة الاحتلال الدينية المتطرفة التي ترفض التعامل معها.