
كتبت / رنيم علاء نور الدين
في غرفة بسيطة بإحدى شقق سكن الطلبة في مدينة نصر، عُثر على جثة شاب يُدعى مصطفى البدري، 24 عامًا، طالب بكلية التجارة، من أسرة ريفية بسيطة. وُجد مشنوقًا في مروحة السقف، وجسده متدلٍ في صمت، لكن ما أثار الريبة أن على الحائط كتب بدمه كلمة واحدة: “كذب”.
في البداية، ظنت الشرطة أنها حالة انتحار، خاصة مع وجود سلك كهربائي ملفوف بإحكام، وغياب أي آثار مقاومة. لكن بعد تفتيش الغرفة، عُثر تحت المخدة على رسائل مكتوبة بخط يده، موجهة إلى فتاة تُدعى “سمر”، لم يكن أحد يعرفها من أصحابه المقربين.
سمر كانت زميلته في الجامعة، لكنه أحبها من طرف واحد، وظل يرسل لها خطابات بخط يده، لكنها تجاهلته تمامًا، بل سخر منه البعض بسبب تعلقه الزائد. الرسائل كشفت اضطرابًا نفسيًا متصاعدًا، لكنها أيضًا ألمحت إلى أنه “مهدد” من أحد زملائه الذين علموا بأمر الخطابات.
الشاهد الأهم كان زميله في السكن، عمرو، الذي اعترف أن مصطفى في الأيام الأخيرة كان يتلقى رسائل تهديد إلكترونية من حساب مجهول، يبتزه فيها بنشر صوره الشخصية ورسائله لسمر.
بعد تتبع الحساب، تبيّن أنه يعود لزميل ثالث في نفس القسم، كان يغار من مصطفى أكاديميًا. هذا الشاب اخترق حسابه، وبدأ بابتزازه نفسيًا، ليدفعه إلى الانتحار.
لكن النيابة لم تُغلق القضية كـ”انتحار” بل “تحريض على القتل”، واعتُبر ذلك أول حكم في مصر يُجرّم التنمر الإلكتروني بهذه الصورة.