رسمت فواجع الإحتلال فأفجعنا فيها…محاسن الخطيب رسالة مخيم جباليا
كتبت: رنيم علاء نور الدين
رسمت الحرب بريشتها وتركت رسوماتها لتصبح ذكري لها…. اليوم سنكتب عن أحد المكافحين والأبطال الذين يواجهون كل يوم مالا يتحمله أحد,اليوم سنشهد جميعاً عن تاريخ محاسن الخطيب.
محاسن الخطيب هي فنانة تشكيلية ومصممة جرافيك مواليد 10 أكتوبر سنة 1992, فلسطينة من مخيم جباليا الذي شهد أكبر فاجعة في التاريخ وكانت محاسن أحد ضحايا تلك الفاجعة.
كانت محاسن من أبرز الناشطين في قطاع غزة خلال الحرب الفلسطينية التي بدأت في يوم 7 أكتوبر عام 2023 وتستمر حتي الأن , وكل يوم يشهد أهلها فاجعة تؤدي بحياته الأطفال والشباب و كبار السن , وكل يوم يتم إبادتهم حتي يصل الأحتلال الصهيوني إلي مناله, كانت محاسن توثق جميع الأحداث ومعاناة سكان شمال قطاع غزة من خلال وسائل التواصل الأجتماعي
حيث كانت محاسن رمزًا للصمود والمثابرة طيلة سنوات حياتها حتي استشهدها في اليوم الأليم الذي شاهده الجميع يوم الجمعة الموافق 18 أكتوبر عام 2024 في شمال قطاع غزة التي تتعرض لعملية إبادة وتطهير عرقي منذ 15 يوم, وعلم الجميع أستشهادها مما أثر عليهم بالحزن والألم الشديد علي فراقها.
كانت محاسن تنشر اعمالها في خلال الحرب والحصار والقتل والتشريد والجوع الشديد وكانت تستمد قوتها واصرارها علي الصمود من خلال الرسم وبعد توقفها عن العمل بعد حدوث الحرب أعلنت عودتها إلي العمل للأستمرار في الحياة الي ان تنال الشهادة , وكانت تتحدث كثيراً عن الفن حيث قالت أن الفن مسلي لروحها لأنه يبعدها عن مشاعر الخوف والقتل والدمار ويمدها بطاقة إيجابية خلال الأجواء المحيطة بها,كانت رسوماتها توحي بالصمود والتحدي
يذكر ان محاسن كانت تطمح أن تكون مشهورة ولكنها نالت مرادها الأن وأصبحت مشهورة بأعمالها الفنية والصالحة في الدنيا والأخرة مما اصاب الجميع بحالة حزن شديد وقاموا بنعيها بحزن بالغ.
حيث قال محمود عباس رسام فلسطيني وأحد أصدقاء محاسن عقب علمه برحيلها ” أعرف محاسن منذ 10 سنوات , منذ بداياتها الفنية حيث كانت ترسم الكوميكس وبعدها قامت بتدريب الفتيات والشباب علي الرسم , كنا نتحدث كثيراً عن الفن والرسم وكانت من الفنانين المميزين أصحاب القلم والروح الجميلة في غزة وكنا تواصلنا كثيراً خلال الحرب وكانت من القلائل الذين أتواصل معهم خاصة أنها كانت تسكن في الشمال حيث الأبادة الجماعية الأكثر فتكاً و الجوع الشديد ولكنها دوماً صابرة علي البلاء, وكانت تقضي وقتها بالرسم لأنه كان الشيئ الوحيد الذي يهون عليها ويتغلب علي خوفها وفزعها مثل مأخبرتني في رسائلنا, ولم تحدثني يوماً عن الأنسحاب أو الأستسلام وكانت تنشر من خلال صفحتها علي الفيس بوك رسائل توحي بأنها أنسانة صامدة ومحتسبة أمرها إلي الله عز وجل وتجاهد في سبيل الله.
كما أكد محمود عباس أن محاسن كانت تعمل في مجال الدورات سواء كان اون لاين أو الاوفلاين قبل الحرب في قطاع غزة.
كما أضافت صديقة أخري عقب علمها بوفاتها ” أن محاسن كانت تفكر في الجميع وكانت حنونة ,بارة بأمها وأهلها كثيراً, كانت طموحة فوق الخيال, صاحبة أحلي ضحكة وأطيب قلب وأحسن أستاذة, وونسي بالدنيا وبفقداني لها كأني فقدت أهلي مرة أخري.
كما قالت آلاء أبو قاسم، صديقة الرسامة الفلسطينية محاسن الخطيب، في منشور لها عبر حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، حبيبتي وصاحبتي أكثر حد مبدع بالدنيا فنانتي العظيمة شهيدة، حبيبتي محاسن الخطيب العظيمة، زي ما بناديها دايمًا، فخورة فيكي بحياتك وبإبداعاتك وإنجازاتك، حتى بعز الحرب والخوف والنزوح والجوع والقلق، ظليتي متمسكة بعملك لآخر نفس بحياتك ورفضتي النزوح من الشمال، رغم كل الألم اللي شفتيه بحياتك، وفخورة وفيكي وباستشهادك.. شهيدة صابرة وراضية
ونعى صاحب حساب آخر، الرسامة الفلسطينية محاسن الخطيب، بعد استشهادها، قائلًا: الصديقة العزيزة محاسن الخطيب استشهدت الليلة الماضية بعد مجزرة ارتكبها الجيش الإسرائيلي في تل الزعتر في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، محاسن تحاصرت في بيتهم منذ بداية الحصار الإسرائيلي لشمال قطاع غزة قبل 14 يوما، محاسن مش رقم، محاسن فنانة ورسامة مبدعة كانت ترسم أهوال الحرب وتنشرها للعالم، محاسن الخطيب صمدت في الشمال لآخر نفس، محاسن كانت حُسن المظهر والتعامل والأخلاق، لروحك السلام يا محاسن
وقال براء زعرب، مدرب محاسن الخطيب، في تصريحات لـ القاهرة 24: كنت مدرب محاسن في مجال التصميم والعمل الحر، وحطيتها على أول الطريق، وكانت تسمع النصائح، وكانت تتعب على حالها كتير، وكانت طموحة وروحها حلوة.وأضاف أيضاً كان عندها هدف وبعد التوجيهات اللي خدتها مني وصلت لهدفها وطورته وتم تكريمها كأفضل مصممة وكانت متعاونة جدا, كان عندها أحلام وأهداف كبيرة لكن الحرب منعتها من تحقيقها.
و نشرت الشهيدة محاسن أيضًا صورة خاصة بها ودونت عليها عليها “علشان بس لما أموت تلاقو صورة ليا” ,
وعلقت الشهيدة علي خبر استشهاد يحيى السنوار الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، حيث نشرت منشورًا قالت فيه: “أمي بتقولكم تفرحوش ع موت السنوار لأنه معركة إسرائيل مش معه معركتها مع شعب كامل وصحاب أرض”
وكانت أخر أعمالها الفنية التي قامت بنشرها علي صفحتها رسمها للشاب الذي أحترق في المباشر أمام العالم كله رحمات الله عليه, وتفاعل الجميع علي تلك المنشورات لتوضيحها حجم المعاناة التي تحدث
وأخر مانشرته محاسن قبل إستشهادها بساعات “أعتقد أن العالم تخاذل كثيرًا لدرجة أنه أصبح لا يرى، وأصبحت الحرب علينا حياة طبيعية لديهم، وأعتقد أن من غادر قطاع غزة، أكمل حياته بصورة طبيعية، وقد تصيبه وخزات من الوجع أحيانًا علينا لكنه يكمل بعدها بشكل عادي، أعتقد أننا اعتدنا على وجعنا، وأصبحت قلوبنا بلا نبض على حالنا، وأعتقد أننا فعلًا مجرد أرقام لا قيمة لنا سوى عند خالقنا”.
ولأنها كانت تنتظر الشهادة المحتومة بين الحين والآخر كعادة كل الفلسطينين فقد دونت وصيتها بنفسها مطالبة الجميع ان يسامحونها حيث نشرت عبر صفحتها الرسمية على «إكس» : “السلام عليكم رابط دورة من دوراتي السابقة بشكل مجاني بنية الدعاء والفرج لغزة وبنية إن مت تبقى صدقة عن روحي.. علم ينتفع به كثفوا الدعاء وسامحوني”
لم ينسي العالم المناضلة والبطلة محاسن الخطيب التي رغم جميع الظروف التي حولها والعقبات التي تجعل الأنسان يُصاب بالأكتئاب والأستسلام وأنجازاتها التي توحي بالشرف والقوة وستظل رسوماتها ذكري لها وذكري لكفاحها ضد الحرب, واليوم نودعها توديعاً يليق بها كما كانت تتمني في يوم من الأيام , رحم الله روحها الطيبة وجعلها شهيدة من شهداء جناته.