د. هاني سليمان لـ المصور: إيران مخترقة استخباراتياً وعسكرياً منذ سنوات.. والضربات كشفت هشاشة دفاعها الداخلي

حوار أحمد سالم
في ظل تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل، وما تشهده المنطقة من تطورات متسارعة وتحولات استراتيجية معقدة، يظل السؤال المطروح: إلى أين يتجه هذا الصراع، وما هي حدود التصعيد ومدى تأثيره على موازين القوى في الشرق الأوسط؟
لفهم أعمق لطبيعة الموقف الإيراني، وردّه الأخير على إسرائيل، ومدى اختراق أمنه الداخلي، والتداعيات الإقليمية المحتملة، أجرينا هذا الحوار مع دكتور هاني سليمان مدير المركز العربي للبحوث والدراسات بالقاهرة والخبير في الشأن الإيراني والعلاقات الدولية
الذي يقدّم قراءة تحليلية دقيقة للمشهد الراهن، ويرصد أبعاده الأمنية والسياسية في ضوء المعطيات الإقليمية والدولية
هل تعتقد أن الرد الإيراني على إسرائيل هذه المرة كان حقيقياً ومؤثراً، أم كان مجرد رد رمزي؟
الرد الإيراني على إسرائيل هذه المرة مختلف عن الردود السابقة، في هو تطور ملحوظ ونوع في طبيعة الردود الإيرانية على إسرائيل، ورد غير مسبوق ولكن رغم ذلك هو لا يرتقي بحجم الأضرار ولا يتناسب إلى حجم الضربات الإسرائيلية واستهداف الإسرائيلي لإيران، هناك فجوة كبيرة وهناك لحظة تفوق إسرائيلي مقابل ضربات أحدثت خسائر وضربات شديدة من الجانب الإيراني ولكنها في النهاية لا تحقق الأهداف المطلوبة منه.
هل هناك خطوط حمراء حقيقية لإيران في الصراع مع إسرائيل؟ وهل تم تجاوزها هذه المرة؟
توجد بالتأكيد حسابات إيرانية، ولكن توجد موائمات وإدراك لحقيقة طبيعة الأمر الواقع وطبيعة الضغوط الموجودة، الجانب الأمريكي يؤكد على إيران بضرورة القبول للمعطيات الجديدة، وترامب يتحدث بإن الأسوء لم يأتي بعد، وإلتزام أمريكي بدعم إسرائيل كما لم يحدث من قبل، فبالتالي كافة المعطيات تؤكد إن إيران ربما إذا ما أقامت بتصعيد بشكل كامل في حرب شاملة سيكون عليها مواجهة الجانب الأمريكي قبل الجانب الإسرائيلي، فبالتالي أعتقد إن دي أشكلية كبيرة وأعتقد أيضًا مسألة استعداد إيران لمواجهة مع إسرائيل، إن ما حدث خلال الساعات الماضية يؤكد وجود إختراق استخباراتي وأمني وعسكري، ويؤكد ضعف منظومة الدفاع الإيرانية، ويؤكد إن هناك ربما أشكلية كبيرة فيما يتعلق بقدرة إيران على إدارة المرحلة في ظل حالة الإرتباك والصدمة نتاج الاستهداف لأكثر من عنصر مهم، نتحدث عن حسين سلامي قائد الحرس الثوري الإيراني ومحمد باقري قائد الجيش الإيراني فبالتالي كان حل المؤسسة العسكرية في حالة تعثر جديد هناك أزمة ثقة وفجوة كبيرة أعتقد لم تشهده إيران منذ تاريخها منذ 79.
إسرائيل نفّذت اغتيالات وتفجيرات دقيقة داخل إيران، وحتى وصلت لعلماء ومسؤولين كبار هل هذا يعني أن إيران مخترقة بشكل كبير أمنياً؟
بالتأكيد إيران مخترقة استخبارتيًا، وأمنيًا، وعسكريًا منذ فترة طويلة وليس هذا الأمر وليد اللحظة، وهناك استهداف للعلماء النوويين منذ 2009 حتى 2021 حتى إغتيال المشرف البرنامج النووي محسن فخري زادة، هناك إغتيالات لقادة الحرس الثوري الإيراني منذ 2019 تحديداً في الداخل الإيراني، وفي الداخل السوري، في العديد من العمليات إغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وغيرها من الشخصيات القائمة تطول تؤكد إن إيران فقدت العديد من القادات البارزة من الصفوف الأولى ومن الصعب تعويضها بالأجيال الجديدة خاصةً إن هذه القيادة ربما كانت مشبعة أيدلوجيًا بقدر كبير من حماسها الثورية تختلف عن قيادات آخرى ولديها ارتباطات آخرى وتشابكات مع العديد من الميليشيات الموجودة، فبالتالي إيران مخترقة بشكل كبير، ويمكن هذا الإختراق أتضح أكثر بعد إغتيال إسماعيل هنية في الأراضي الإيرانية ثم إغتيال حسن نصر الله، وقائمة فضل شكر، وقائمة القيادات الخاصة بحزب الله، فبالتالي ما يحد الآن بإيران هو وجه مشابه للإختراق الإستخباراتي ومعركة البيجر وغيرها من الأدوات التي تم استخدامها في لبنان، إيران نظام صلب على المستوي النظري ولكن هش على المستوي العملي بشكل كبير.
هل وجود “جواسيس” داخل الدولة الإيرانية أصبح أمراً مؤكداً من حيث الأداء الإسرائيلي الأخير؟
بالتأكيد هناك جواسيس، وهناك عملاء داخل إيران ليس فقط فى الداخل، ولكن داخل حرس ثوري، وداخل الجيش الإيراني بشكل أكيد والمؤسسات المختلفة، العمليات الإسرائلية اليوم أكدت وجود بعض العناصر التى قامت بإغتيالات من الداخل، إستخدام الطيارات المسيرة الإسرائيلية من الداخل الإيراني تم تحريكها من قواعد معينة ربما هناك شبكات مختلفة ومتنوعة من العملاء في الداخل الإيراني ده أمر مفروغ منه وأمر تم حزمه من خلال العديد من المجريات والعديد من التجارب والاستهدافات السابقة.
هل دول الخليج في مرمى التصعيد أو قد تلعب دور الوساطة؟
دول الخليج بالتأكيد ليست في مرمى التصعيد لإن إيران كانت قد وجهت تهديدات فى السابق بأن مشاركة أيًا من هذه الدول أو استخدام القاعدة العسكرية فى الهجوم على إيران وستكون هي مستهدفة من الجانب الإيراني، فبالتالي هذا ما لم يحدث الولايات المتحدة الأمريكية لم تشارك في العمليات، إسرائيل فقط هى من قامت بهذه الاستهدافات، وبالتالي لم يتم استخدام أى من القواعد المختلفة، أعتقد إن دول الخليج على درايه وعلى تقدير موقف دقيق لخطورة الأمر هى لا تريد أن تكون طرف فى الصراع هى لا تريد أن يتم إقحام المنطقة في المرحلة من عدم الاستقرار الواسع لأن لها ترتيبات وتداعيات سلبية كبيرة على أكثر من مستوى وهى تدرك هذا الأمر وعلى أنها نهت بنفسها عن هذه المسائل واعتبارات الصراع ولكن بالتأكيد يعنى دول الخليج ربما قد يكون هناك مساحة للوساطة في مرحلة ما لكن فى هذه الفترة أعتقد إن الجميع صامت للمسأله، ربما تصفية الحسابات والتظاهر الطرف التي سيخرج من هذه المعادلة بشكل يمكن شبه منتصر حتى يتم إعادة قراءة المشهد وإعادة ترتيبات جديدة فى منطقة الشرق الأوسط.
ما دور تركيا ومصر في المرحلة الحالية؟ وهل تتدخل دبلوماسياً أو تبقى على الحياد؟
مصر بالتأكيد لها دور مهم، ولكن بيان مصر بيؤكد إن نوعية البيان مختلفة تمامًا عن البيانات السابقة تم ذكر طرفي الصراع بشكل مباشر لا يتم الإشارة إليهم بالأطراف المعنية تم ذكر إيران وإسرائيل بشكل مباشر في البيان ووصف الإعتداء الإسرائيلي بالصافر وهذا تطور نوعي للموقف المصري ويعكس طبيعة الإدراك المصري لخطورة الموقف، مصر تعي جيدًا خطورة إن تنفرد إسرائيل بالسيطرة والهيمنة وإن يكون لها اليد الطويلة في المنطقة بدون توازن معين حتى وإن كان هناك هواجس مصرية من السياسة والسلوك الإيراني على مستويات مختلفة على مدار العلاقات المصرية الإيرانية لكن في النهاية حالة التفوق الإسرائيلي ولحظة الإسرائيلية وحالة الدعم المباشر والضوء الأخضر الكامل من دونالد ترامب لإسرائيل أعتقد إن هو لم يخدم المصالح المصرية خاصةً إن مصر تدير معركة خاصة على مستوي السياسي الدبلوماسي وعلى مستوي الوضع في غزة ومحاولة فرض سيناريو التهجير، فبالتالي عدم قدرة مصر على الاستفادة من متابعة الأوراق والإسناد الدبلوماسي في علاقتها مع إسرائيل وهذه المعركة منتظرة، وهذا ليس في المصلحة المصرية وليس في مصلحة المنطقة، فبالتالي موقف مصر سيكون رافض بشكل قاطع وقد تقدم مصر نفسها كدور وسيط لكن لا أعتقد إن يكون هناك مساحة للأوساط المصرية في هذه المسألة وسيكون هناك وساطة سعودية وعمانية أو من أطراف آخرى روسيا أو الصين لكن الوساطة المصرية لها حساباتها الخاصة في ظل وجود مصر كطرف وتوترات مع الجانب الإسرائيلي، والدور التركي دور مهم ولكن أيضًا أعتقد إنه بعيد نسبيًا عن القيام بدور الوساطة نظرًا لتشابك بالعديد من الملفات مع كلا الطرفين وأنا شايف إن الوساطة لها أدوار آخرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تملك قواعد وخيوط اللعبة الآن هي ربما التي تقدم بعض الحلول في ضوء تنازلات إيرانية نوعًا ما.