توقيع اتفاقية استراتيجية بين شركة تنمية معادن عُمان ووزارة الطاقة والمعادن لاستكشاف موارد السيليكا، تمهيداً لتعزيز التنمية الصناعية
هند حامد
مسقط-
في خطوة استراتيجية تبرز أهمية قطاع التعدين في سلطنة عُمان، وقّعت شركة تنمية معادن عُمان اتفاقية امتياز تعدين بارزة مع وزارة الطاقة والمعادن، حيث تتيح هذه الاتفاقية للشركة استكشاف وتطوير المعادن الاستراتيجية ضمن منطقة الامتياز 51F في محافظة الوسطى، بمساحة تبلغ 2,156 كم² في ولاية محوت. وتحتوي هذه المنطقة الغنية على رواسب قيّمة من رمال السيليكا والحجر الجيري والدولوميت، وهي معادن حيوية تعزز من إمكانات النمو الصناعي وتساهم في تنويع الاقتصاد العُماني.
تلبيةً للطلب المتزايد على السيليكا
يُعَدُّ السيليكا من المعادن ذات الطلب المتنامي بفضل استخداماته في صناعات مثل صناعة الزجاج وتقنيات الطاقة المتجددة، كالألواح الشمسية وحلول تخزين الطاقة بالإضافة إلى الاستخدامات التقليدية في عمليات استخراج النفط و سباكة المعادن و تنقية المياه. في عام 2021، كانت صناعة الزجاج المستهلك الأكبر لرمل السيليكا في المنطقة، ومن المتوقع الاستمرار في ذلك. ووفقاً لتقرير Syndicated Analyticsعن سوق رمل السيليكا في دول مجلس التعاون الخليجي، يُتوقَّع أن ينمو السوق بمعدل سنوي مركب يبلغ 6.7% من عام 2022 حتى عام 2027، ليصل إلى 513.5 مليون دولار بحلول عام 2027.
بفضل الامتياز الجديد، تسعى شركة تنمية معادن عُمان إلى أن تصبح أول شركة تعدين لرمل السيليكا في سلطنة عُمان، مما يدعم استراتيجيتها لتنويع محفظتها من الموارد المعدنية واستكشاف فرص نمو واعدة. يتكون رمل السيليكا، المعروف أيضاً بالرمل الصناعي، بشكل أساسي من الكوارتز، ويتميز بمحتوى عالٍ من السيليكا، والصلابة، والخصائص غير التفاعلية، وهو ما يشكل مدخل أساسي في بعض الصناعات مثل الزجاج، والطاقة الشمسية، والمواد الكيميائية. وتشير الدراسات الأولية إلى وجود مخزونات كبيرة من خام السيليكا في منطقة الامتياز المذكورة بنسب نقاوة طبيعية تتجاوز 97%. تعكس هذه الاتفاقية الثقة المشتركة بين شركة تنمية معادن عُمان ووزارة الطاقة والمعادن في الجدوى طويلة الأمد والإمكانات التجارية لمنطقة الامتياز.
رؤية للنمو الاقتصادي والاستدامة
أوضح المهندس ناصر بن سيف المقبالي، الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان، قائلاً: “تعكس هذه الاتفاقية التزامنا باستثمار الثروات المعدنية الوطنية لخلق فرص استثمارية، وتوفير فرص عمل، والمساهمة في دفع عجلة التنمية الصناعية المستدامة. ويعزز استكشافنا لموارد السيليكا الإمكانات الكامنة لعُمان في دعم الصناعات الحيوية، خاصةً تلك المرتبطة بتحوّل الطاقة”.
بموجب الاتفاقية الجديدة، ارتفعت المساحة الإجمالية لامتيازات شركة تنمية معادن عُمان لتصل إلى 24,119 كم²، مما يعزز مكانة الشركة كممكن محوري في دعم تنويع الاقتصاد العُماني وتعزيز القدرات الصناعية. كما يتماشى التركيز على استكشاف السيليكا مع الأهداف الوطنية لعُمان، خاصةً فيما يتعلق بتعزيز تحوّل الطاقة وتوسيع القاعدة الصناعية.
مشاريع استراتيجية وتأثير إقليمي
تطمح شركة تنمية معادن عُمان إلى أن تكون أكثر من مجرد مالكة للأصول؛ فهي تسعى لتكون محفزاً لتطوير قطاع التعدين على المستوى الإقليمي، حيث تهدف كل مشاريعها إلى خلق قيمة مضافة للمستثمرين، مع تحقيق فوائد مباشرة للمجتمعات المحلية عبر توفير فرص العمل والتمكين الاقتصادي.
في عام 2024، نفذت الشركة عدة مشاريع استكشافية استراتيجية، استهدفت معادن أساسية مثل النحاس، الكروم، الجبس، الحجر الجيري، الدولوميت، الملح، والسيليكا الصلبة. وفي وقت سابق من العام، احتفلت الشركة بتدشين مشروع إعادة تطوير مناجم النحاس الأسيل في منطقتي السيل والبيضاء في صحار ولوى، حيث يُتوقع أن يُنتج المشروع 800,000 طن من خام النحاس سنوياً، وذلك بعد تأكيد وجود احتياطيات تجارية تُقدَّر بـ 2.78 مليون طن.
وفي الأشهر المقبلة، ستعلن شركة تنمية معادن عُمان عن بدء تنفيذ مشروع مزون للنحاس في ولاية ينقل، تحت قيادة شركة مزون للتعدين (ش.م.م) التابعة لشركة تنمية معادن عُمان، وقد حصلت مزون للتعدين على حقوق حصرية من وزارة الطاقة والمعادن في عام 2022 لاستكشاف وتطوير وإنتاج مركّزات النحاس، مع استخراج الذهب كمنتج ثانوي. وبعد إجراء دراسات جدوى شاملة، تم تعيين شركة Lycopodium الكندية لتكون المقاول الرئيسي فيما يتعلق بالهندسة والمشتريات والبناء والإدارة. ومن المتوقع أن يبدأ العمل في نهاية عام 2024. يمثل هذا المشروع خطوة حاسمة لشركة تنمية معادن عُمان، ويضع السلطنة ضمن الدول المنتجة للنحاس، مُساهمًا في تعزيز جهود تنويع الاقتصاد الوطني.
شدد المقبالي على أن: “مع هذه المشاريع، أصبحت شركة تنمية معادن عُمان عنصر محوري في صناعة التعدين الإقليمي، حيث تساهم في تحقيق أهدافها المتعلقة بالتنويع الاقتصادي والنمو المستدام في السلطنة. من خلال التركيز على المعادن الاستراتيجية وبناء شراكات فعّالة، نلتزم بتعزيز دور قطاع التعدين في الاقتصاد الوطني.”
الالتزام بالتعدين المسؤول وتمكين المجتمع المحلي
تتمحور استراتيجية نمو شركة تنمية معادن عُمان حول التعدين المسؤول، والتعاون المجتمعي، وتمكين الاقتصاد المحلي، لا سيما في المناطق النائية. ويُعد مشروع السيليكا الجديد خطوة مهمة نحو تجسيد هذه القيم على أرض الواقع، حيث يسعى إلى تدريب الكوادر العُمانية على اكتساب مهارات صناعية متقدمة، بالإضافة إلى إشراك الموردين المحليين في خدمات النقل، والخدمات اللوجستية، وأعمال البناء، والالتزام بأهداف التعمين لزيادة فرص العمل المحلية وتعزيز تنمية المجتمع.
بفضل حصيلة مشاريعها المتنامية والتزامها بأهداف التنمية المستدامة لعُمان، تسهم شركة تنمية معادن عُمان في تشكيل مستقبل صناعة التعدين في سلطنة عُمان، وفتح آفاق جديدة، ودفع عجلة التقدم الصناعي لتحقيق مستقبل مزدهر ومستدام.