بيان رسمي عن الجمعية المصرية لحماية الطبيعة حول ضرورة تمديد قرار حظر الصيد في بحيرة ناصر

كتبت أمل محمد أمين
صدر عن الجمعية المصرية لحماية البيئة والدكتور خالد النوبي، المدير التنفيذي للجمعية المصرية لحماية الطبيعة
بيان حول ضرورة تمديد قرار حظر الصيد في بحيرة ناصر
وجاء في البيان
“انطلاقًا من مسؤوليتنا الوطنية في حماية ثروات مصر الطبيعية، ووفاءً بالتزامات الدولة تجاه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحماية التنوع البيولوجي، على رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لحفظ الأنواع المهاجرة من الحيوانات البرية (CMS)، واتفاقية بيرن لحماية الحياة البرية الأوروبية وموائلها الطبيعية، وتأكيداً على تنفيذ خطة عمل روما الاستراتيجية الهادفة إلى الحد من الصيد غير القانوني للطيور في منطقة البحر المتوسط وشمال إفريقيا. تصدر الجمعية المصرية لحماية الطبيعة هذا البيان الرسمي، لتؤكد على أهمية المرحلة الراهنة، وتدعو جميع الجهات المعنية، الحكومية والمدنية، إلى اتخاذ موقف حاسم في مواجهة التهديدات المتزايدة التي تتعرض لها الطيور المهاجرة والمقيمة في مصر، وعلى رأسها ما تشهده بحيرة ناصر من انتهاكات جسيمة.
لقد كشفت تقارير الجمعية، بالتعاون مع الجهات الرقابية، عن استمرار أنماط الصيد الجائر المنظم في بحيرة ناصر خلال المواسم الأخيرة، حيث تم توثيق عدد من رحلات الصيد ذات الممارسات غير القانونية شارك فيها صيادون أجانب ملاحقون في قضايا بيئية ببلدانهم، استهدفوا خلالها أعداداً ضخمة من الطيور النادرة والمهددة بالانقراض، مستخدمين أدوات ووسائل محظورة دولياً، في انتهاك صارخ للقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر.
وتؤكد الجمعية أن هذه الممارسات لم تقتصر على الإضرار بالحياة البرية فحسب، بل تمتد آثارها لتقويض فرص الاقتصاد المحلي، وتهديد سمعة مصر الدولية، والإخلال بالتوازن البيئي الذي تعتمد عليه مجتمعات كاملة في جنوب البلاد.
أن بحيرة ناصر تمثل نظاماً بيئياً متسقاً ووحدة طبيعية متكاملة، لا يجوز التعامل معها كمساحات منفصلة تخضع لحدود إدارية متباينة، بل كجسم مائي واحد تتكامل أجزاؤه بيئيا ووظيفياً. ولا يصح بأي حال من الأحوال الفصل الإداري أو التشريعي بين مكوناته، لما سيشكله ذلك من تهديد مباشر لفعالية الإدارة البيئية، وتعطيل لجهود الحماية المتكاملة.
لقد أثبت قرار وزارة البيئة بحظر الصيد في بحيرة ناصر، الصادر عام 2023، فعاليته في حماية الطيور المهاجرة والمقيمة، حيث سجلت المؤشرات البيئية انتعاشاً ملحوظًا في أعداد وأنواع الطيور، وعودة بعض الأنواع المهددة للظهور من جديد. كما ساهم القرار في فتح آفاق اقتصادية جديدة للمجتمعات المحلية، من خلال التحول إلى السياحة البيئية ومراقبة الطيور، ما وفر مصادر دخل مستدامة.
وفي الوقت الذي تشدد فيه الجمعية على أهمية الاستمرار في تطبيق قرار الحظر، فإنها تُعرب عن تخوفها من أن عدم تجديد القرار أو التهاون في تنفيذه، سيمهد الطريق لعودة أنشطة الصيد غير القانوني، وعودة الفوضى مرة اخرى.
وتجدر الإشارة إلى أنه، بالرغم من سريان قرار الحظر خلال العامين الماضيين، فقد لوحظ توجه بعض الصيادين إلى مناطق الواحات والتي تُعد من أكثر النظم البيئية هشاشة ولا تحتمل مثل هذه الممارسات. وهو ما يُبرز الحاجة المُلِحّة ليس فقط إلى تمديد قرار الحظر بل أيضاً إلى توسيعه جغرافياً ليشمل كافة المواقع ذات الأهمية البيئية.
إن عدم تجديد القرار قد يترك انطباعاً غير إيجابي لدى الجهات المعنية بحماية التنوع البيولوجي، ويهدد بضياع ما تحقق من مكاسب بيئية واقتصادية، فضلاً عن إضعاف الصورة الإيجابية التي تسعى مصر لترسيخها كدولة رائدة في احترام التزاماتها البيئية، ومقصد واعد للاستثمار في السياحة البيئية.
بناءً على ما سبق، تطالب الجمعية المصرية لحماية الطبيعة بما يلي:
تجديد قرار حظر الصيد في بحيرة ناصر لعام إضافي (2025–2026) دون استثناءات، مع توسيع نطاقه جغرافياً ليشمل المناطق البيئية الهشة مثل الواحات المصرية.
تفعيل وتطبيق القوانين البيئية بحزم، وملاحقة جميع المتورطين في أنشطة الصيد الجائر، أياً كانت جنسياتهم أو الشركات الداعمة لهم.
تعزيز التعاون بين الوزارات المعنية وعلى رأسها وزارة البيئة، وزارة السياحة، وزارة الداخلية، لضمان إحكام الرقابة الفعالة على البحيرة ومحيطها.
دعم برامج التحول الاقتصادي للمجتمعات المحلية، وتمكين الصيادين وأصحاب القوارب من العمل كمرشدين بيئيين في سياحة مشاهدة الطيور.
وإذ تؤكد الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، أن جميع جهودها في هذا الشأن إنما تنطلق من حرصها على دعم وتعزيز القدرات الحكومية، وبما يضمن تنفيذ مصر لالتزاماتها الدولية والقانونية في مجال حماية التنوع البيولوجي على الوجه الأكمل، كما نشدد أن حماية بحيرة ناصر وثرواتها الطبيعية ليست مسؤولية جهة واحدة، بل هي واجب وطني وأخلاقي يتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع المدني والمواطنين جميعاً. فإن استمرار الصيد الجائر لا يعني فقط تهديد الحياة البرية، بل فقدان مصر لمكانتها العالمية كأهم معبر للطيور المهاجرة، وخسارة ثروات طبيعية لا تقدر بثمن.
فلنقف صفاً واحداً في وجه التعديات، دفاعاً عن الحياة، وحرصاً على سيادة القانون، واحتراماً لقيمة هذا الوطن، وضماناً لمستقبل أكثر استدامة لأجيالنا الحالية والقادمة.