رغم تفاقم المجاعة والموت في غزة: الحسم في تهمة الإبادة الجماعية ضد إسرائيل قد يتأخر حتى 2027

كتبت/ فاطمة محمد
في الوقت الذي يموت فيه الفلسطينيون يوميًا بأعداد متزايدة بسبب الجوع، وتتعالى أصوات قانونية وإنسانية تصف أفعال إسرائيل في قطاع غزة بالإبادة الجماعية، تبقى إجراءات البتّ في هذه التهمة أمام أعلى محكمة دولية بطيئة إلى حد مثير للقلق.
وبحسب مصادر موثوقة، من غير المتوقع أن تصدر المحكمة الدولية حكمًا نهائيًا بشأن ما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت إبادة جماعية في غزة قبل نهاية عام 2027، وربما حتى 2028، رغم خطورة الوضع الإنساني المتفاقم في القطاع.
وكان من المقرر أن تقدّم إسرائيل ردّها القانوني هذا الأسبوع، لكنها حصلت على تمديد لمدة 6 أشهر، بعد أن ادعت أن “نطاق القضية غير واضح” بسبب ما وصفته بإشكاليات في عرض الأدلة
بينما اعتبر الفريق القانوني للطرف المدّعي أن هذا التأخير غير مبرر، لا سيما في ظل الظروف الطارئة التي يعيشها الفلسطينيون
ورغم ذلك، منحت المحكمة إسرائيل مهلة جديدة حتى يناير القادم.
ويرى بعض الخبراء أن المحكمة تتعامل بحذر شديد بسبب المناخ السياسي العالمي، وتخشى إصدار قرار يدين إسرائيل قبل أن تأخذ وقتًا كاملًا في الاستماع والدراسة، تجنبًا لاتهامها بالانحياز أو التسرع
ومن المعروف أن هذه المحكمة تتبع نهجًا بطيئًا في معالجة القضايا الكبرى منذ إنشائها عام 1945.
وبحسب تقديرات قانونية، فإن كل طرف سيُمنح بعد يناير جولة إضافية لإبداء الردود على دفوع الطرف الآخر، قد تستغرق سنة كاملة أخرى، قبل أن تحدد جلسة استماع نهائية يمكن أن تعقد في 2027، إن لم تحدث عراقيل إضافية قد تؤجلها أكثر
ورغم هذا البطء، كانت المحكمة قد أقرت سابقًا بأن ادعاء الإبادة “معقول”، وأمرت إسرائيل باتخاذ تدابير فورية لمنع الإبادة والسماح بدخول المساعدات
كما أصدرت لاحقًا أوامر إضافية، من بينها وقف الهجوم على رفح وإعادة فتح معبرها لتسهيل الإغاثة الإنسانية. لكن هذه الأوامر، حتى الآن، قوبلت بتجاهل شبه كامل من إسرائيل.
في المقابل، لم تطلب الدولة المدعية أي تدابير جديدة خلال فترات الحصار الخانق الأخيرة، وهو ما أرجعه مقربون من الملف إلى ضغوط سياسية شديدة، لا سيما من واشنطن.
ويشير مراقبون إلى أن الوصول لحكم بالإبادة الجماعية يتطلب إثبات نية التدمير المتعمد، وهو معيار قانوني صارم وضعته اتفاقية 1948، ويتطلب أدلة قاطعة على أن الدولة كانت تهدف لتدمير جماعة معينة بالكامل، وليس مجرد تسببها في موت جماعي لأسباب أخرى محتملة.
ومع أن كثيرين من خبراء القانون يرون أن ممارسات إسرائيل في غزة تتجاوز حتى هذا الحد، إلا أن التركيز المفرط على توصيف الإبادة قد يؤدي إلى إلهاء خطير، ويؤخر تحرك المجتمع الدولي لوقف الجرائم المستمرة والتي تندرج بوضوح تحت تصنيف “جرائم ضد الإنسانية”.
ويحذّر هؤلاء من أن إبطاء المسار القانوني لا يجب أن يُتخذ كذريعة لتأجيل أي إجراءات سياسية أو إنسانية عاجلة، فيما تستمر المجازر والمجاعة والانهيار الكامل للحياة في غزة دون محاسبة فعلية أو تدخل حاسم.