مقالات
أخر الأخبار

د شيرين العدوي تكتب : مبادرة العصفور

 

من الطبيعة البشرية أن تستهلك الكلمات دون وعي. إذا لفت الانتباه إلى عيب صغير في ثوب، يتخلى الناس عن الثوب بأكمله ويعظمون العيب لدرجة أن من يسمع عنه يتخيل أنه لا يوجد ثوب على الإطلاق، بل عيب فقط. الذين يدعون العيب يفعلون ذلك لشراء الثوب بسعر منخفض.

هذا ما يفعله الكيان المحتل يخلق بعض الفتنة التي تتطلب مبادرة، ثم يسارع المجتمع الدولي بأكمله إلى خلق مبادرات لحل لا يثمر لفلسطين شيئا، بعد اجتماعات ومناقشات وحل الصدامات والخلافات. ثم يستيقظ المجتمع الدولي على فشل المبادرة واستيلاء إسرائيل على جزء جديد من فلسطين. المجتمع الدولي دائما في المقدمة، بينما تظهر إسرائيل كلاعب أساسي تم الاعتداء عليه، يلعب في الظل.

منذ عام 1948 كانت (الظهور الخارجي) لهذه المبادرات الرحمة والعدالة، بينما (واقعها الداخلي) أكثر إلهاء للمجتمع الدولي بقضية هامشية، حتى يتمسكوا بالهامش ويتخلى عن النواة. وكأنك تشير إلى عصفور خيالي بينما تسرق محفظته. هناك دائماً أساس وهامش. النواة الآن فلسطين، والهامش غزة. لفّت كرة الثلج، والجميع يؤكد على التعاطف بغزة وأطفالها وضرورة النزوح، ونسيوا دماء من سبقوا في كل مكان في حيفا والقدس وخان يونس وغيرها. تحت كل ذرة تراب في أرض فلسطين طفل أنين وأم جُر وأب قتل.

من أهم هذه المخططات قرار مجلس الأمن 242 الذي أعقب حرب 1967 ودعا إلى انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة خلال الصراع الأخير مقابل احترام دول المنطقة لسيادة وسلامة أراضي كل دولة. منذ عقود درسنا وقيمنا المبادرات المبنية على هذا القرار والتي أسفرت على أرض الواقع عن المزيد من الاحتلال والعدوان على كل الحدود.

خطط روجرز 1967-1971: في ذلك الوقت اقترح وزير الخارجية الأمريكي ويليام روجرز ثلاث خطط تركز على إنهاء الحرب بين مصر وإسرائيل، وجعل القدس عاصمة موحدة تحت إشراف إسرائيل والأردن، وتسوية وضعية اللاجئين الفلسطينيين. وكانت النتيجة أن الحرب لم تتوقف إلا بعد فوز مصر عام 1973، وفقد الأردن إشرافه على القدس. أصبح اللاجئون الفلسطينيون أكثر تشردا وتشتتا.

اتفاقات كامب ديفيد 1978: دعت إلى إبرام معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، وانسحاب إسرائيلي تدريجي من سيناء، وإقامة حكم ذاتي فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنهم لم يتصرفوا به. خضناهم بحرب شرسة لا تقل عن ذلك لإعادة طابا أمام محكمة العدل الدولية.

الخطة العربية 1981: دعت إلى إنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف مع حق العودة للاجئين الفلسطينيين أو تعويض لهم. النتيجة: القدس أصبحت عاصمة لإسرائيل.

خطة ريغان 1982، مؤتمر مدريد 1991، قمة كامب ديفيد 2000، 2002-2003، إعلان بوش مبادرة السلام العربية وخارطة الطريق. وغيرها من مبادرات العصفور حتى وصلنا إلى وضعنا الحالي مع غزة والضغط على مصر لأنها المستهدفة القضية ليست نزوح غزة. القضية هي تصفية القضية الفلسطينية بأكملها والاستيلاء على آخر قطعة من فلسطين. لذلك وقف فخامة الرئيس كالأسد يدعو ترامب للحل لأنه يعلم جيدا أن القضية بيد أمريكا لأنها لا تريد حلا وتريد تمكين إسرائيل من أخذ فلسطين كلها. يجب على الشعب الانتباه إلى مكان وضع العصفور له؟!

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى