كتبت: فاطمة يونس
أثار قرار جديد برفع أسعار الحجز بمستشفى العباسية للصحة النفسية، واحدة من أعرق وأكبر مؤسسات العلاج النفسي في مصر، موجة من الغضب والقلق بين العاملين في المجال والمهتمين بقضايا الصحة النفسية، خاصة في ظل ما يواجهه المرضى من تحديات اجتماعية واقتصادية حادة.
لعقود طويلة، كانت مستشفى العباسية للصحة النفسية تمثل الملاذ الأخير لآلاف المرضى النفسيين، خاصة من غير القادرين على تحمّل تكاليف العلاج النفسي في المستشفيات الخاصة. المستشفى وفّرت خدمات علاجية بأسعار رمزية، مثل تذكرة بجنيه واحد وجلسات مجانية أو حجز اقتصادي لا يتجاوز 3000 جنيه شهريًا، في حين أن تكلفة الحجز في مستشفى خاص قد تتخطى عشرة أضعاف هذا الرقم.
وفقًا لمصادر طبية، فقد صدر مؤخرًا قرار بإلغاء نظام الحجز المجاني، مع رفع تكلفة الحجز إلى أسعار تتراوح ما بين 4500 و11500 جنيه شهريًا. القرار – الذي لم تُعلن أسبابه بشكل واضح
صدم العاملين في القطاع النفسي، واعتبروه تهديدًا مباشرًا لحق العلاج للطبقات الفقيرة، التي تمثل غالبية المترددين على المستشفى.
أطباء متخصصون في الطب النفسي أكدوا أن هناك حالات مرضية تستدعي الحجز الفوري، مثل مرضى الذهان أو المرضى المعرّضين لخطر إيذاء النفس أو الآخرين، وأن غياب الدعم الحكومي للحجز في مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى كوارث إنسانية ومجتمعية.
أحد الأطباء علّق قائلاً:
“تخيل مريض ذهان خطر على نفسه وعلى غيره، ونقوله لأهله هاتوا 11500 جنيه علشان نحجزه! ده مش بس إهمال، ده إعدام للطب النفسي المجاني في مصر.”
في الوقت الذي تسعى فيه معظم دول العالم لتوفير خدمات الصحة النفسية مجانًا، نظرًا لأهميتها الحيوية على الصحة العامة والسلم الاجتماعي، فإن القرار الأخير يُعد انتكاسة خطيرة لمسار الرعاية النفسية في مصر. فبدلًا من توسيع دائرة المستفيدين من الدعم النفسي، يتم الآن تقليصها بشكل قد يحرم آلاف المرضى من العلاج ويزيد من التكدس في الشوارع والسجون.
يطالب العاملون في القطاع الصحي، والمهتمون بالشأن العام، بالتراجع الفوري عن القرار، أو على الأقل إعادة تقييمه بما يضمن توفير الحجز المجاني للحالات الفقيرة والطارئة، وفتح حوار مجتمعي حول مستقبل الصحة النفسية في مصر.
