مقالات
أخر الأخبار

حين تصبح الخوارزمية أقرب الأصدقاء: هل باتت تيك توك والريلز تفهمنا أكثر من أهلنا؟

 

بقلم:مريم مصطفى 

في أقل من دقيقة، يظهر لك مقطع مصوّر يُضحكك، يتبعه آخر يثير فيك القلق، ثم ثالث يجيب على سؤالٍ لم تتلفظ به قط.

تشعر وكأن أحدهم يعيش داخلك، يقرأ أفكارك، يشعر بك، ويعرفك أكثر مما تعرف نفسك،

لكنه ليس صديقًا مقرّبًا، ولا أحد أفراد عائلتك.

إنها الخوارزمية.

في زمنٍ تتغير فيه وسائل التواصل بين البشر، أصبحت تطبيقات مثل “تيك توك” و”إنستغرام” تعتمد على خوارزميات ذكية قادرة على تحليل كل ما تفعله:

ما الذي تشاهده؟

كم من الوقت تمكث أمام كل فيديو؟

ما الذي تتخطاه؟

ما الذي تتفاعل معه؟

كل تفصيلة صغيرة تُسجَّل وتُحلَّل، لتُعاد برمجتك بطريقة خفية تجعلك ترى محتوى يشبهك، ويخاطب حالتك النفسية، ويستجيب لاهتماماتك حتى وإن لم تصرّح بها لأحد.

في دراسة نشرتها جامعة كامبريدج عام 2023، وُجد أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي قادرة على التنبؤ بسمات شخصية الفرد بدقة تفوق ما يستطيع أصدقاؤه المقربون فعله، اعتمادًا فقط على سلوكه الرقمي.

هل هذا ذكاء أم تحكم؟

بينما يرى البعض في هذه القدرة نوعًا من الذكاء المفيد، الذي يسهّل حياة الإنسان و”يمنحه ما يحب”، يحذر آخرون من هذا التسلل الصامت إلى داخل النفس البشرية.

فإذا شاهدت عدة مقاطع حزينة، ستُغرقك الخوارزمية في موجة من المحتوى السوداوي.

وإن أعجبتك فكرة معينة، ستدفعك الخوارزمية نحو عشرات المقاطع التي تؤيدها، حتى تعتقد أنها الحقيقة الوحيدة.

وبهذا، قد تُشكَّل آراؤنا دون وعيٍ منا، وتُوجَّه مشاعرنا نحو وجهات محددة نعتقد أنها اختياراتنا.

أقرب من أهلنا؟

ربما لا يفهمك والداك حين تقول إنك “متعب دون سبب”، أو حين تسكت طويلاً أمام العائلة، لكن “الريلز” تظهر لك مقطعًا عن الاكتئاب الصامت، أو اضطراب ما بعد الجامعة، أو حتى فقدان الشغف.

هنا، لا يمكن إنكار أن هذه الخوارزميات صارت تلامس مشاعرنا بدقة.

لكن هل هذا لأننا نثق بها أكثر من الناس؟

أم لأننا ببساطة نقضي معها وقتًا أطول من أي أحد آخر؟

الخاتمة:

في عالمٍ رقمي يزداد تعقيدًا، لم تعد علاقتنا بالتكنولوجيا مجرد استخدام، بل تحوّلت إلى علاقة تأثير وتأثر.

فهل يجب أن نُسلِّم أنفسنا لهذه الخوارزميات الذكية، ونتقبل كونها “تفهمنا”؟

أم حان الوقت لنفكر:

هل هي تفهمنا حقًا… أم فقط تُعيد تشكيلنا بصمت؟

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى