الوحدة 8200 الإسرائيلية: اليد الخفية وراء فتنة الأمة العربية

كتب أحمد سالم
في خضم الحروب العسكرية والسياسية التي تعرفها منطقتنا العربية، هناك حرب أخطر تدور في الخفاء—حرب لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تُدير العقول وتزرع الفتن. إنها حرب يقودها جهاز التجسس الرقمي الإسرائيلي المعروف باسم “الوحدة 8200″، الذراع التكنولوجي الأخطر للموساد، والذي لا يطلق الرصاص، بل يزرع الكراهية والانقسام.
“كيميت”.. تشويه الهوية المصرية :
من بين أهداف الوحدة 8200 تشويه الهوية القومية للشعوب العربية، وعلى رأسها مصر. عبر حملات رقمية ممنهجة، يجري الترويج لمقولة أن المصريين “ليسوا عرباً”، وأن الفرعونية يجب أن تعلو على الانتماء الإسلامي. هذا الترويج ليس بريئاً، بل يُغذّي الانقسام، ويزرع كراهية مُبطنة تجاه شعوب الخليج، في محاولة لفصل مصر عن محيطها العربي الطبيعي.
المغرب العربي.. ساحة صراع افتراضي :
العداء بين المغرب والجزائر لا يُغذّى فقط عبر السياسات، بل تغذيه أيضاً حسابات إلكترونية مزيفة تُدار من خارج الحدود. الوحدة 8200 تلعب دوراً محورياً في تأجيج أزمة الصحراء، وتسعى لتقسيم الهويات في المغرب العربي، بين أمازيغية وعروبة، وبين قومية ووطنية، بهدف إشعال الفتن الداخلية.
السخرية.. سلاح نفسي :
منصات مواقع التواصل تعج بـ”ميمز” ونكات تستهزئ باللهجات والثقافات العربية. حسابات تسخر من المصري، ومن السعودي، ومن اليمني والمغربي. هذا ليس عبثاً ولا مجرد “فكاهة شعبية”، بل استراتيجية ممنهجة لإثارة العداء بين الشعوب، ولتعزيز نغمة: “نحن الأفضل، والباقي لا يستحق”.
عملاء بزي إعلاميين :
من أخطر أدوات هذه الوحدة: تمجيد الشخصيات التي تدعو للتطبيع مع الاحتلال، ومهاجمة الرافضين له عبر تصويرهم كـ”متطرفين”. كما يتم تضخيم إنجازات وهمية لشخصيات تُمثّل أدوات الاحتلال الفكري، ويُعاد تقديمها كـ”أصوات تنويرية”، بينما هي في الحقيقة أبواق لتمرير الأجندة الصهيونية.
قلب الحقائق في غزة :
في الوقت الذي يُقتل فيه الأبرياء في غزة، تعمل الحسابات المرتبطة بالوحدة 8200 على تزييف الرواية. المقاومة تُصوَّر كمصدر المعاناة، والمحتل يُقدَّم كضحية. هذا النوع من التلاعب النفسي يهدف إلى كسر التضامن العربي والإسلامي مع الشعب الفلسطيني.
حرب على الإسلام :
تشويه المفاهيم الإسلامية مثل الجهاد، الولاء، الشريعة، والفقه، هو جزء من الحملة الأيديولوجية للوحدة. تُروَّج العلمانية بطريقة هجومية، تُحمِّل الدين الإسلامي مسؤولية التخلف، وتدعم شخصيات إعلامية تهاجم الإسلام تحت ستار “الحداثة” و”حقوق الإنسان”.
التكنولوجيا.. السلاح الجديد
العدو بات يتحدث بلهجتنا، يفهم سلوكياتنا، ويعرف كيف يزرع الشكوك في قلوبنا. عبر الذكاء الاصطناعي، تُحلل تصرفات المستخدمين، وتُصمَّم منشورات تُثير الغضب والانقسام، كأنها صادرة من بيننا، بينما الحقيقة أن وراءها جيشاً رقمياً يُنفّذ أجندة التفكيك من الداخل.
خاتمة:
ما يحدث ليس عبثاً.. بل خطة مدروسة تنفذها عقول داخل غرفة عمليات رقمية في تل أبيب. الوحدة 8200 لا تُقاتل بالسلاح، بل تُقاتل بالفكرة، وبالمنشور، وبالنكَتة، وبالهوية. وعلينا كعرب ومسلمين أن نكون على وعي بأن الفتنة أخطر من السلاح، وأن الوعي هو الحصن الأخير في وجه هذه الحرب الخفية.