احتجاجات باراماونت .. شائعات مداهمة تثير غضب المهاجرين في لوس أنجلوس وتفجّر أزمة ثقة

كتبت/ فاطمة محمد
تجمّع خوان وعدد من أصدقائه في موقف سيارات أحد متاجر الأدوات المنزلية في ضاحية باراماونت القريبة من لوس أنجلوس، في مشهد لم يكن اعتياديًا
ففي المعتاد، يشهد هذا المكان تواجد عشرات العمال المياومين – كثير منهم من المهاجرين غير النظاميين – بحثًا عن فرص عمل مؤقتة
لكن الأجواء بذلك اليوم كانت مشحونة بالتوتر، بعد انتشار شائعات عن حملة مداهمات واعتقالات نفذتها سلطات الهجرة.
تداول السكان المحليون أنباء عن وجود سيارات تابعة لوكالة الهجرة والجمارك (ICE)، ما أشعل حالة من الخوف بين العمال المهاجرين
بعضهم غادر المكان، والبعض الآخر بقي مترددّا، مثل خوان الذي قال: “لا أحد يعلم حقيقة ما حدث، الجميع خائفون”
تحولت المخاوف سريعّا إلى احتجاجات عنيفة، خصوصًا في باراماونت، وهي منطقة يشكّل المنحدرون من أصول لاتينية أكثر من 82% من سكانها
المظاهرات تصاعدت لمواجهات مع الشرطة، وشهدت أعمال عنف شملت رشق الحجارة، قنابل مولوتوف، وإشعال حرائق، ما دفع السلطات لاستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين.
ورغم تأكيد وزارة الأمن الداخلي لاحقًا عدم تنفيذ أي مداهمات في متجر “هوم ديبوت” تحديدًا، قالت إنها اعتقلت خلال الأسبوع ذاته 118 مهاجرًا غير قانوني في مناطق متفرقة من لوس أنجلوس، بينهم خمسة يُشتبه في انتمائهم لعصابات، وآخرون لهم سوابق تشمل الاتجار بالمخدرات والاعتداء.
هذه التطورات دفعت الرئيس دونالد ترامب لاستدعاء الحرس الوطني في كاليفورنيا – خطوة استثنائية لا تُتخذ عادة دون موافقة حاكم الولاية – بهدف “استعادة النظام”، على حد قوله
وانتشر الجنود في محيط المتجر ومواقع أخرى، بينما اندلعت صدامات جديدة مع المتظاهرين الذين لوّحوا بالأعلام المكسيكية وهتفوا ضد سلطات الهجرة.
من جهتها، أكدت وزارة الأمن الداخلي أن المبنى المحروس قرب المتجر يضم أحد مكاتبها، وكان يُستخدم كمنطقة تجمع مؤقتة، وقد تعرّض لاحقاً لهجوم من قبل المتظاهرين.
في اليوم التالي، اجتمع عدد من سكان باراماونت، وعلى رأسهم دورا سانشيز، في كنيسة “تشابل أوف تشينج” لمناقشة الأحداث وتداعياتها
قالت دورا، وهي من أبناء الجالية اللاتينية، إنها لا تزال غير مصدقة لما رأته الليلة السابقة، مضيفة: “كأنها نقطة تحوّل لمجتمعنا”.
لوس أنجلوس تُعدّ من أبرز المدن ذات الأغلبية اللاتينية في الولايات المتحدة، وتُعرف بسياساتها الداعمة للمهاجرين، إذ تُصنف كـ”ملاذ آمن” لا تتعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية
لكنّ هذا الانفجار المفاجئ في الغضب الشعبي كشف عن أزمة ثقة متصاعدة بين المهاجرين والسلطات.
ماريا غوتيريز، إحدى المشاركات باحتجاجات باراماونت، قالت: “حان وقت الوقوف، هؤلاء هم أهلي”
وأكدت أنها تعيش في الولايات المتحدة منذ صغرها رغم أنها وُلدت في المكسيك، مشيرة لأن أغلب العائلات بالمنطقة تعرف شخصًا يعيش دون أوراق قانونية.
أحداث باراماونت لم تكن مجرد احتجاجات عابرة، بل عكست عمق التوترات العرقية والاجتماعية في واحدة من أكثر مدن أمريكا تنوعًا، ورسّخت شعورًا عامًا بين المهاجرين بأنهم في مرمى السياسات الفيدرالية.