جرائم القتل في مصر: بين الوحشية واللامبالاة.. أين الإنسانية؟

أحمد سالم
في ظل الأحداث المروعة التي تشهدها مصر مؤخرًا، تطفو على السطح قضية جرائم القتل التي لا تكاد تتوقف، لتُذكرنا بوحشية قد نعتقد أننا تجاوزناها، لكن الواقع يقول غير ذلك، آخر هذه الجرائم كانت في الأقصر، حيث فقد شخص حياته بطريقة مروعة، لتُضاف هذه الجريمة إلى سلسلة طويلة من الأحداث الدموية التي تهزّ الضمير الإنساني.
لكن ما يثير الدهشة والاستياء أكثر من الجريمة نفسها هو رد فعل البعض ممن تحوّلوا إلى مجرد متفرجين، يلتقطون الصور ويسجلون الفيديوهات، وكأن الأمر مجرد مشهد من فيلم سينمائي، هذه اللامبالاة تُظهر تراجعًا مقلقًا في القيم الإنسانية، حيث أصبحت الحياة البشرية مجرد مادة للتسلية أو الإثارة.
قصة الدبح التي حدثت في الإسماعيلية قبل عدة سنوات لا تزال عالقة في الأذهان، ليس فقط بسبب بشاعة الجريمة، ولكن أيضًا بسبب ردود الأفعال التي رافقتها، الناس وقفوا يتفرجون، وكأنهم فقدوا القدرة على التفاعل مع الألم الإنساني. الأمر نفسه تكرر في المنصورة مع مأساة نيرة، التي فقدت حياتها بشكل مأساوي، بينما كان البعض منهمكًا في توثيق اللحظات الأخيرة من حياتها بدلًا من محاولة إنقاذها.
هذه الظواهر تطرح تساؤلات كبيرة عن طبيعة المجتمع الذي نعيش فيه، هل وصلنا إلى مرحلة أصبحنا فيها غير قادرين على التمييز بين الواقع والدراما؟ أم أننا أصبحنا نتعامل مع الألم البشري كمجرد حدث عابر لا يستحق منا أكثر من تسجيله على هواتفنا الذكية؟
نقد الواقع : أين الإنسانية؟
لا يمكن أن نمرّ مرور الكرام على هذه الظواهر دون وقفة جادة، نحن بحاجة إلى إعادة تقييم قيمنا كمجتمع. كيف يمكن أن نصل إلى مرحلة نرى فيها الدماء تُراق، ونسمع صرخات الألم، ولا نتحرك لمساعدة الضحية؟ كيف يمكن أن نتحول إلى مجرد متفرجين على المأساة، وكأننا نعيش في عالم افتراضي لا علاقة له بالواقع؟
الجرائم نفسها هي جريمة، لكن اللامبالاة التي ترافقها هي جريمة أخرى لا تقل خطورة، نحن بحاجة إلى وقفة مع الذات، إلى إعادة تعريف معنى الإنسانية، وإلى تذكير أنفسنا بأن الحياة البشرية هي أعظم ما نملك، ولا يمكن أن تكون مجرد مادة للتسلية أو التوثيق.
الخاتمة : نحو مجتمع أكثر إنسانية
جرائم القتل التي تحدث في مصر ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي صفعة قوية على وجه الإنسانية، نحن بحاجة إلى أن نتعامل مع هذه القضية بجدية، ليس فقط من خلال تطبيق القانون، ولكن أيضًا من خلال إعادة بناء قيمنا المجتمعية، يجب أن نتعلم كيف نتفاعل مع الألم البشري، وكيف نكون جزءًا من الحل بدلًا من أن نكون مجرد متفرجين.
لنكن أكثر إنسانية، ولنعمل على بناء مجتمع لا يرى في الدماء والألم مجرد مشهد عابر، بل يرى فيه نداءً للضمير يستحق أن نستجيب له.