
كتبت/ فاطمة محمد
في واحدة من أكثر صور الإبادة الجماعية بشاعة في العصر الحديث، يُواجه أطفال غزة حصارًا مزدوجًا يجمع بين تجويع ممنهج تمارسه إسرائيل، وصمت عالمي مخزٍ.
فبينما تُغلق المعابر، وتُمنع المساعدات، وتُستهدف سبل الحياة، يُترك أطفال القطاع دون طعام أو ماء، فيموت بعضهم جوعًا، فيما يُصارع آخرون الهزال والأمراض، في مشهد مأساوي مفتوح على أعين العالم.
في مواجهة هذا الانهيار الإنساني، أطلق نشطاء حملة رقمية تحت وسم #غزةتقتلجوعًا، لتوثيق حجم الكارثة التي تطال أكثر من مليوني فلسطيني، نتيجة سياسة التجويع الجماعي التي تمارسها إسرائيل بدعم أميركي، وسط تقاعس دولي وعجز أممي فاضح.
وقد لقي الوسم تفاعلًا واسعًا عربيًا ودوليًا، حيث شارك فيه آلاف المستخدمين بشهادات حية وصور صادمة تُبرز معاناة المدنيين، خصوصًا الأطفال والمرضى وكبار السن، وسط دعوات عاجلة لفتح المعابر وإدخال المساعدات فورًا.
وسادت حالة من الغضب والحيرة على مواقع التواصل، وسط تساؤلات:
“لماذا لم تُعلَن المجاعة رسميًا في غزة حتى الآن؟”
وذلك رغم تزايد حالات الوفاة بين الأطفال بسبب الجوع ونقص الغذاء والرعاية الصحية.
إحدى القصص المفجعة التي تصدرت التداول، كانت وفاة الطفلة رزان أبو زاهر، التي رحلت نتيجة سوء تغذية حاد ونقص في الحليب، بعد عجز عائلتها عن تأمين الغذاء في ظل الحصار الخانق، لتتحول قصتها إلى رمز لمعاناة آلاف الأطفال في القطاع.
ونقل أحد النشطاء شهادة شقيقه، وهو طبيب نساء وولادة في غزة، قال فيها:
“الساعات القادمة حرجة جدًا، لا يوجد حليب للرضّع، حتى صدور الأمهات جفّت من شدة الجوع، إذا لم يُتدارك الوضع فورًا، قد نشهد وفيات جماعية بين المواليد”.
ووصف مدونون المشهد بـ”الجريمة المتكاملة الأركان”، مؤكدين أن الصمت العالمي ليس حيادًا، بل شراكة صريحة في الإبادة.
وغرد أحدهم:
“غزة تموت جوعًا، وأطفالها يذوون أمام أعين العالم. أمهات تراقبن أطفالهن يختنقون من شدة الجوع، دون أن يملكوا شيئًا لإنقاذهم”.
وأضاف آخر:
“أجيال كاملة تُمحى. لا أحد مستثنى. البطون خاوية، والدوخة والغثيان لا يفارقاننا.. إنها كارثة لم يشهدها التاريخ المعاصر”.
كما أشار آخرون إلى ما وصفوه بـ”هندسة التجويع”، حيث تُمارس إسرائيل سياسة إبادة بطيئة لجيل كامل، من خلال حرمانه من الغذاء والماء والدواء.
مشاهد تفوق الخيال
وتناقل المغردون صورًا ومقاطع فيديو صادمة:
مسن يتناول ورق الشجر ليسد رمقه.
سيدة تطعم أطفالها أوراق الذرة كوجبة رئيسية.
رجل مسن ينهار مغشيًا عليه من شدة الجوع أثناء انتظاره في طابور المساعدات.
وغرد ناشط:
“هذه ليست مجاعة في قارة منسية، هذه غزة.. المدينة التي كانت تنبض بالحياة، تُصارع الموت جوعًا في عزلة تامة”.
وتساءل كثيرون:
أين المنظمات الدولية؟ أين “يونيسف”؟ أين الهيئات الحقوقية التي تدّعي حماية الأطفال؟
وكتب أحدهم:
“أطفالنا لم يعودوا كما كانوا.. تحولوا إلى هياكل عظمية من شدة الجوع. إنها جريمة إبادة موثقة بالصوت والصورة”.
واختتم آخرون:
“في غزة، البحث عن الطعام أصعب من النجاة من الموت. الموت يأتيك بأشكال مختلفة: قصف، جوع، قنص، تحت الأنقاض، أو بانقطاع الدواء. أما لقمة الخبز.. فتحتاج إلى معجزة”.
منذ السابع من أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، في تحدٍّ صارخ للنداءات الدولية، وتجاهل تام لأوامر محكمة العدل الدولية بوقف هذه الجرائم.