أخبار فلسطين
أخر الأخبار

لماذا انقلبت إسرائيل على مسار التهدئة؟ كواليس المفاوضات وتضليل الإعلام الأميركي

 

كتبت/ فاطمة محمد 

في ظل أجواء مشحونة بالإشاعات والتحليلات السلبية، خرج المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بتصريحات اتهم فيها حركة حماس بعدم الجدية في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بينما لوّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقضاء على الحركة نهائيًا

وعلى النقيض من ذلك، صدر في 25 يوليو بيان مشترك عن وزارتي الخارجية القطرية والمصرية، يؤكد تحقيق “تقدّم” في المفاوضات، وينفي ما يتم ترويجه في الإعلام من تسريبات هدفها تقويض جهود الوساطة.

 

مؤشرات إيجابية من الوساطة

 

في اليوم ذاته، ظهر رجل الأعمال الأميركي الفلسطيني بشارة بحبح الذي يعمل إلى جانب ويتكوف في مقابلة إعلامية كشف خلالها عن معلومات نقلها عن الوسيطين القطري والمصري، منها:

١: أن رد حماس كان إيجابيًا ويمكن البناء عليه للوصول إلى اتفاق قريب.

٢: أن الرد لم يكن متصلبًا، بل أظهر استعدادًا للأخذ والعطاء.

٣: أن الجانب الإسرائيلي أبدى استعدادًا للتعامل مع الرد بحذر وإيجابية.

 

كما نقل بحبح عن حماس تأكيدها أن ملف الأسرى لن يكون عائقًا أمام التوصل لاتفاق، وأن الأولوية للخرائط الأمنية وتجنّب التواجد الإسرائيلي داخل المناطق السكنية.

 

جاء بيان حماس داعمًا للرواية الإيجابية، حيث أشار إلى ارتياح الوسطاء لموقف الحركة، وأكّد أن حماس حرصت على تقليل عمق “المناطق العازلة” وتجنّب الكتل السكنية، بما يتيح عودة السكان تدريجيًا إلى منازلهم.

 

انقلاب مفاجئ من إسرائيل

 

في خضم هذه الأجواء، جاء سحب الوفد الإسرائيلي من الدوحة، مبررًا بأنه للتشاور فقط، دون أي لهجة سلبية تجاه الوسطاء، بل مع إشادة بالدورين المصري والقطري

غير أن المشهد انقلب فجأة، لتبدأ إسرائيل في بث رسائل إعلامية معاكسة، مدعومة بتصريحات أميركية أكثر تشددًا، ما يشير إلى تحوّل في الموقف الإسرائيلي.

 

أسباب التحوّل الإسرائيلي

 

1. خرائط الانسحاب التي قدّمتها حماس نالت دعمًا مصريًا وقطريًا، وكانت أكثر توازنًا، وهو ما استفز إسرائيل التي تسعى لفرض خرائطها بالقوّة، بما يسمح لها باحتلال مناطق واسعة داخل غزة.

 

2. إسرائيل كانت تخطط لما يُعرف بـ”المدن الإنسانية”، وهي معسكرات تهجير مغلفة بأسماء خادعة، ضمن استراتيجية لإبقاء مئات آلاف الفلسطينيين نازحين داخل القطاع.

 

3. الموقف الإسرائيلي – المدعوم أميركيًا – قد يكون مناورة تفاوضية تستهدف كسب الوقت وتشديد الحصار، بما في ذلك استخدام سلاح التجويع كأداة ضغط لقبول شروطها.

 

4. إذا فشلت هذه الضغوط، فإن إسرائيل ستكون أمام خيارين:

 

القبول باتفاق هدنة يُنهي العدوان على غزة وفق خرائط تضمن عودة النازحين.

 

أو الاستمرار في القصف والمماطلة، ما يُغرقها في مأزق أخلاقي وسياسي أمام المجتمع الدولي.

 

إسرائيل والبحث عن نصر مفقود

 

أمام إصرار حماس على رفض شروط إسرائيل المجحفة، ورفض سيناريو التهجير القسري، بدا واضحًا أن تل أبيب لم تستطع فرض رؤيتها على طاولة التفاوض، بل واجهت مفاوضًا عنيدًا رغم قلة إمكانياته وظروفه الكارثية.

 

ومع استمرار التدمير والقتل والتجويع، لم تنكسر الإرادة الفلسطينية، بل أظهرت صمودًا أربك إسرائيل وحلفاءها. الجيش الإسرائيلي منهك، وقيادته باتت تدرك أن الحسم العسكري لم يحقق الأهداف.

 

أزمة نتنياهو الداخلية

 

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يبدو ظاهريًا في موقع المنتصر، لكنه يعاني داخليًا؛

فشل في القضاء على حماس،

فشل في استعادة الأسرى بالقوة،

وفشل في إرضاء جمهوره اليميني المتشدد.

 

ومع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، يخشى نتنياهو أن يتحول الفشل في غزة إلى عبء انتخابي يهدد مستقبله السياسي، رغم “نجاحه” النسبي في الحرب على إيران.

 

امتدت تداعيات الفشل إلى الساحة الدولية، حيث فقدت إسرائيل ما تبقى من صورتها كـ “ضحية”، وباتت تُوصف عالميًا بأنها دولة معتدية تمارس التطهير العرقي، وتجوع المدنيين وتستهدف الأطفال.

 

وهذا التآكل في الصورة والشرعية الدولية يفتح الباب لانهيار أكبر، تقوده حكومة إسرائيلية يمينية عاجزة سياسيًا، تحاول تعويض فشلها بفرض أمر واقع دموي على الأرض.

 

ما يجري على طاولة المفاوضات ليس فقط صراع خرائط وشروط، بل هو صراع إرادات ومصير

فإسرائيل تحاول فرض التهجير بالقوة أو المفاوضات، بينما يصر الفلسطينيون على البقاء ورفض الانكسار، حتى ولو كان الثمن كارثيًا

وبين هذا وذاك، تبقى غزة الجريحة عنوانًا للمأساة والصمود في آنٍ واحد.

script async src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-6898956440328841" crossorigin="anonymous">
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى