تحليل سياسي: المؤامرة الكبرى على الأمة العربية والإسلامية وتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”

كتبت سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية
د.أحلام محمد أبو السعود
منذ تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948، لم تتوقف النخب الصهيونية عن السعي لتوسيع نفوذها في المنطقة، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، لتحقيق ما يُعرف بـ”حلم إسرائيل الكبرى” الممتد من النيل إلى الفرات. هذا الحلم لا يتوقف عند حدود جغرافية، بل يشمل إعادة تشكيل الهوية الثقافية والدينية والسياسية لشعوب المنطقة بما يخدم المصالح الصهيونية والغربية.
أولًا: الحرب الناعمة على الهوية الإسلامية والعربية
تسعى القوى الكبرى – بالتنسيق مع بعض الأنظمة العربية – إلى إعادة تشكيل الدين الإسلامي بما يتناسب مع المشروع الغربي، من خلال:
الترويج لفكرة “الإسلام الإبراهيمي” كإطار بديل للإسلام التقليدي، مما يفتح الباب أمام تطبيع ثقافي وديني مع الكيان الصهيوني.
ضرب التعليم الديني وتهميش اللغة العربية، واستبدالها بلغات أجنبية، باعتبارها أدوات للهيمنة الثقافية.
محاربة العلماء والدعاة المستقلين، وتشويه صورتهم، وتحجيم دور المساجد في التوعية الشعبية.
ثانيًا: التطبيع الثقافي والتفكيك المجتمعي
ما يجري اليوم في بعض الدول العربية هو ليس فقط تطبيعًا سياسيًا مع “إسرائيل”، بل هو تطبيع شامل يهدف إلى:
نشر منظومات فكرية دخيلة مثل الإباحية، والإلحاد، والدعوة لحرية شخصية غير منضبطة، بهدف تفكيك الأسرة والمجتمع.
تسويق نماذج مدن “علمانية معولمة” كـ”نيوم” و”دبي” كمستقبل عربي جديد، خالٍ من الدين والهوية.
ثالثًا: إعادة تشكيل التركيبة السكانية والتمكين للصهيونية
التقارير غير المؤكدة التي تتحدث عن توطين اليهود في الجزيرة العربية لا يمكن أخذها بحرفية، لكن هناك بالفعل تحولات ديموغرافية تحدث:
استقدام ملايين العمال غير العرب والمسلمين إلى الخليج، ما يؤدي تدريجيًا إلى خلل في التوازن السكاني والهوية.
منح امتيازات اقتصادية لجهات أجنبية قد تمكّن من اختراق اقتصادي يُوظف سياسيًا لاحقًا.
رابعًا: حلم السيطرة الشاملة عام 2048
تتحدث الوثائق الصهيونية القديمة عن “إسرائيل الكبرى”، لكن ما نشهده اليوم هو أسلوب أكثر ذكاءً: لا احتلال مباشر، بل هيمنة ناعمة عبر الاقتصاد، الإعلام، الثقافة، والدين. هذه الأدوات باتت وسيلة لاختراق المجتمعات العربية دون الحاجة إلى الجيوش.
خامسًا: ما يحدث في غزة نموذج للمخطط
الحرب المستمرة على غزة ليست مجرد حرب على أرض أو فصيل، بل هي محاولة لكسر إرادة المقاومة وتجريب أدوات الترويض النفسي والديني والاقتصادي قبل تعميمها في باقي العالم العربي.
خاتمة:
ما يُروج على أنه تسريبات أو تقارير استخباراتية – سواء ثبتت صحتها أم لا – يعكس مخاوف حقيقية تعيشها الأمة: مؤامرة على الدين، والهوية، والسيادة. والواجب اليوم ليس فقط التنبيه، بل:
بناء وعي سياسي عميق.
دعم المقاومة بكل أشكالها.
تحصين المجتمعات بالعلم والدين.
كسر أدوات الهيمنة الناعمة قبل أن تتحول إلى واقع دائم.
فالمعركة لم تعد على الحدود… بل على العقول.