
كتبت / رنيم علاء نور الدين
من مدينة العلمين الجديدة، حيث يتقاطع الحلم مع التخطيط، عقد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اجتماعًا مهمًا مع الفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، في مشهد يعكس تحرك الدولة الجاد نحو نقلة نوعية في القطاع الصحي، وبالأخص في عروس البحر الأبيض المتوسط.
الاجتماع لم يكن روتينيًا. بل كان منصة حوار استراتيجي وضعت على طاولته خريطة صحية كاملة لمحافظة الإسكندرية، بهدف تنفيذ مشروع غير مسبوق: شبكة رعاية صحية ذكية تمتد من شرق المحافظة إلى غربها، بشراكة بين وزارة الصحة، والتحالف الاستثماري، واتحاد الغرف التجارية المصرية.
وفقًا لما صرّح به الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، المشروع الطموح يستهدف إنشاء 70 عيادة رقمية موحدة، تعمل بأحدث أنظمة التكنولوجيا الصحية، موزعة بعناية وفق الكثافة السكانية، ومبنية على أسس التحول الرقمي والتخطيط الصحي الذكي. ليست عيادات تقليدية، بل كيانات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الحجز والتشخيص، وتسهّل اتخاذ القرارات الطبية بشكل لحظي، ما يفتح الباب أمام تجربة مريض أكثر إنسانية ودقة.
الاجتماع تطرق كذلك إلى رفع كفاءة البنية التحتية للمنشآت الصحية القائمة، ودعمها بأنظمة إلكترونية تسهّل إدارة الموارد، وتحسّن أداء الفرق الطبية. وبحسب العرض التقديمي الذي استُعرض خلال الجلسة، فإن الرؤية المستقبلية تتجاوز فكرة “تطوير منشآت” إلى تأسيس نظام متكامل للرعاية الصحية الأولية، يربط بين المواطن والطبيب والتكنولوجيا في شبكة واحدة.
الدكتور خالد عبد الغفار شدد خلال الاجتماع على أهمية الإسراع في توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل والتحالف الاستثماري واتحاد الغرف التجارية، لتنظيم العمل وفق خطة زمنية واضحة. كما أكد على ضرورة أن تراعي العيادات الجديدة معايير التأمين الصحي الشامل، وتكون نموذجًا للرعاية الأولية الذكية التي تخفف الضغط عن المستشفيات وتُشرك القطاع الخاص في تطوير الخدمة، لا في خصخصتها.
اللافت في الأمر أن هذا المشروع لا يكتفي بالبنية التحتية والتكنولوجيا فقط، بل يراهن على العنصر البشري، من خلال خطة تدريب وتأهيل الكوادر الطبية، وتوزيعها العادل على المنشآت الجديدة، في محافظة تُعرف بوجود نخبة من الأطباء والممرضين المتميزين.
وفي خضم هذا الطموح الصحي، يبقى السؤال:
هل تنجح هذه العيادات الذكية في تغيير وجه الرعاية الصحية بالإسكندرية، وتكون نموذجًا يحتذى به في باقي محافظات مصر؟