“قضايا مصرية”.. ندوة في قلب كنيسة الروم بمصر الجديدة توحّد الرؤى وتُنعش الحوار الوطني

كتبت / رنيم علاء نور الدين
في مشهد يعبّر عن عمق التلاحم الوطني وروح الحوار البناء، استضافت كنيسة القديس كيرلس للروم الملكيين الكاثوليك بمصر الجديدة ندوة ثقافية وفكرية مهمة حملت عنوان “قضايا مصرية”، بمشاركة رموز دينية وأكاديمية بارزة، في مقدمتهم فضيلة الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، ونيافة الأنبا أنطونيوس عزيز، المطران الشرفي لإيبارشية الجيزة والفيوم وبني سويف للأقباط الكاثوليك، وبحضور الإيكومونوس رفيق جريش، راعي الكنيسة والمنسق العام للندوة.
الندوة التي أقيمت بتنظيم مشترك مع لجنة المواطنة الكاثوليكية، لم تكن مجرد فعالية ثقافية عابرة، بل جسدت لحظة فريدة من لحظات التقارب الفكري والروحي بين أطياف المجتمع المصري، وسط حضور نوعي من مثقفين وإعلاميين ورجال دين ونخبة من الشباب الواعي.
وحدة وطنية تتجسد في كلمات
في كلمته الافتتاحية، أكد الأب رفيق جريش أن “كنائسنا ليست فقط أماكن للصلاة، بل ساحات للحوار والمواطنة والتفاعل المجتمعي”، مشددًا على أهمية الانفتاح وتبادل الرؤى بين أبناء الوطن الواحد.
ثم جاء صوت الأنبا أنطونيوس عزيز ليؤكد أن الكنيسة تضع دائمًا قضايا الوطن في قلب رسالتها، معتبرًا أن العدالة الاجتماعية والمواطنة والمساواة هي أولويات يجب أن تُطرح على مائدة النقاش بشكل دائم، لا سيما في ظل التحديات المتعددة التي تمر بها مصر والمنطقة.
سعد الدين الهلالي.. فكر ديني منفتح
أما الدكتور سعد الدين الهلالي، فكانت مداخلته محط أنظار الجميع، حيث قدّم رؤية إسلامية وسطية متقدمة حول القضايا المجتمعية المطروحة، مؤكدًا أن الاختلاف لا يعني التنافر، بل هو فرصة للتكامل وبناء الوعي، ولفت إلى أن مصر بتاريخها العريق قادرة على استيعاب كل الآراء والتوجهات دون أن تفقد هويتها الجامعة.
الهلالي دعا إلى تعزيز لغة الفقه الإنساني والابتعاد عن الجمود، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدينية – الإسلامية والمسيحية على حد سواء – لها دور جوهري في نشر ثقافة التفاهم وبناء جسور الثقة بين المواطنين.
نقاشات تمس نبض الشارع
الندوة لم تخلُ من تفاعل جماهيري كبير، حيث طُرحت تساؤلات عدة حول دور الدين في الشأن العام، وكيفية مواجهة التحديات الاقتصادية، وقضايا الهوية، والوعي الثقافي، وسط تأكيد من المشاركين على أهمية تعليم الأجيال الجديدة معنى التعايش والتسامح والانتماء.
وفي لفتة رمزية تعكس روح المحبة والتقدير، قام الأب رفيق جريش في ختام اللقاء بتكريم ضيوف الندوة، مقدمًا لهما هدايا تذكارية رمزية، تعبيرًا عن الامتنان لما قدموه من أفكار ووجهات نظر أثرت النقاش وفتحت آفاقًا جديدة للحوار.
السؤال الذي بقي عالقًا في الأذهان:
هل يمكن أن تتحول مثل هذه الندوات من لحظات مؤثرة إلى مسار دائم من العمل المشترك لبناء مجتمع أكثر وعيًا وتماسكًا؟